تأهيل الأسواق
ولمحاولة الوقوف على وضع الأسواق التجارية في مدينة حلب وأضرارها، والتعرف على الطريقة التي ساهمت في تأمين السلع بأسعار جيدة نسبياً، التقت «تشرين» رئيس غرفة تجارة حلب- محمد مجد الدباغ، الذي أكد أن وضع مدينة حلب تجارياً بعد تحريرها من الإرهاب أصبح أفضل بكثير برغم حجم الدمار الكبير الذي حل في أسواقها وخاصة القديمة، التي كانت مستهدفة بشكل واضح، لذا يعمل حالياً على إعادة بناء الثقة وتشجيع التجار على العودة من خلال تنظيم لجان لهذه الأسواق لإعادة تأهيل المحلات التجارية لتعود إلى نشاطها السابق.
ولفت الدباغ إلى قيام الغرفة بدور مهم في تأهيل بعض أسواق المدينة القديمة ولعل أهمها أكبر وأقدم سوق في حلب وهو سوق الجمرك، حيث يضم السوق حوالي 140 محلاً، وقد بدأ التجار بالعودة إلى فتح محلاتهم لكن للأسف بصورة خجولة, علماً أن الغرفة تحث بشكل يومي التجار على الوجود في محالهم وفتحها من جديد لتحريك عجلتها التجارية والمساهمة في عودة المتسوقين إلى زيارتهم والتسوق من منتجاتها.
وبيّن الدباغ تأهيل أيضاً سوق خان خيرابك، علماً أن تجاره قاموا بخطوات إيجابية عبر المسارعة إلى فتح محلاتهم وترميمها، كما تم تأهيل أسواق جادة الخندق وباب النصر وجب القبة، إضافة إلى مساهمة غرفة تجارة حلب مع أصحاب المحال الموازية للجامع الأموي بإعادة تأهيل هذه المحلات التي أصيبت بخراب كبير، علماً أن تجارها قاموا وبمدخراتهم الخاصة بإعادة تأهيل سوق الحدادين إلى واقعه الطبيعي, محافظين على صفته التراثية للمنطقة كجزء أساس من طابع المدينة التراثي، وقد عمل على الاستفادة من هذا الجانب لاستعادة الحركة السياحية بالتوازي مع النشاط التجاري، علماً أن دور الغرفة يتركز بصورة أساسية على تقديم الدعم وتسهيل كل الإجراءات المطلوبة وتبسيطها لإعادة تأهيل هذه الأسواق وإعادة الحياة إليها كما السابق.
أسعار أقل!
نسأل رئيس غرفة تجارة حلب عن الأسباب الفعلية لوجود انخفاض نسبي في أسعار السلع في الأسواق الحلبية مقارنة بأسواق المدن الأخرى ليرجع ذلك إلى أن التاجر الحلبي- على حد قوله- منضبط إلى حد كبير في المحافظة على انسياب السلع وتأمين تسويقها بأقل الأسعار، آخذين بالحسبان ظروف سكان حلب الصعبة لكون المعاناة كانت من نصيب الجميع، ولأننا نطمح لأن تعود حلب إلى مكانتها الاقتصادية في أقرب وقت، مشيراً إلى دور الغرفة الإيجابي في كسر الحصار الاقتصادي الظالم عبر التدخل الإيجابي بطرح عدد من السلع الغذائية بأسعار دون المعدل ليرى الجميع أن أهالي حلب متكاتفون مع بعضهم لتحقيق الحياة الاجتماعية وتأمين مستلزمات هذه الحياة، لذا تحملت الغرفة مسؤولية هذا التدخل وبعض الأمور المالية للتمكن من شراء وتأمين حاجات الأسواق في حلب.
انتشار المهربات
انخفاض أسعار السلع في الأسواق الحلبية يقابله انتشار واضح للمهربات، وخاصة بعد منع الدوريات الجمركية من الدخول إلى المحال التجارية، وهنا يؤكد رئيس غرفة تجارة حلب وقوف الغرفة بشكل قاطع بوجه التهريب لأن منع المهربات يعد حماية للاقتصاد الوطني، مشيراً إلى تعاون غرفتي تجارة وصناعة حلب مع الجهات الحكومية لإنهاء هذه الظاهرة السلبية، فالغرفة لا تريد أن تفوت على الدولة الرسوم الجمركية وفي المقابل لا تقبل أن تكون مدينة حلب منشأ أو مناخاً لترويج المهربات.
وفي السياق ذاته بيّن الدباغ مواجهة تجار حلب عدداً من المشكلات تحاول الغرفة تذليلها ولعل أبزرها فرض رسوم في غير محلها, في حين يفترض أن يأخذ في الحسبان الخصوصية الحلبية والظروف التي تعرضت لها المدينة، فاليوم خرجت المدينة من الحرب، والأولى التركيز على طرح المواد في الأسواق بأسعار مناسبة وتحقيق الاستقرار في الأسواق لضمان ديمومة الحياة الاقتصادية بشكل كامل، مشيراً إلى أن عدد التجار المنتسبين إلى الغرفة يتراوح بين 8-10 آلاف تاجر, علماً أن هذا الرقم يتزايد مع استقرار سعر الصرف واستقرار الواقع الاقتصادي في المدينة، مبيناً أن ما يقوم به رجال الأعمال دليل على الثقة بالاقتصاد السوري، لكن الفترة الزمنية التي عانتها البلاد في الحرب على الإرهاب وتكالب الدول على إرهاق سورية اقتصادياً ترك آثاره السلبية على الواقع التجاري لكن ذلك يقابله تصميم وإرادة من قطاع الأعمال في سورية وحلب خاصة والقيام بردات فعل إيجابية للتخلص من هذه المرحلة الصعبة وإعادة الاقتصاد الوطني من بوابة حلب إلى ما كان عليه سابقاً.
وعن مبادرة غرفة التجارة لضبط سعر الصرف أكد أنه خلال هذا الأسبوع سيكون هناك نشاط تجاري بخصوص دعم الليرة، فالوسط التجاري والصناعي يجب أن يثبت منتجاته أو مستورداته لضمان سعر مستقر لعملية الصرف والمبادرة قائمة، حيث يتعاون رجال الأعمال في غرفتي التجارة والصناعة في حلب لإعادة تمكين الليرة من قوتها الشرائية، الذي سينعكس بدوره على استقرار الواقع التجاري والصناعي، فضمانة استقرار سعر الصرف يعد ضمانة لعملية البيع والشراء بأسعار مناسبة.
وعند سؤاله عن المدة الزمنية لرؤية نتائج على الأرض وخاصة أن المبادرة لم تحقق حتى الآن النتائج المرجوة، قال الدباغ: المجال مفتوح ولن نستطيع بتدخل أو بكلمة أن نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح بشكل سريع لأننا لا نملك عصا سحرية لكن المواظبة ستعطي نتائج إيجابية على المستوى المتوسط والبعيد.

الخصوصية الحلبية
ودعا رئيس غرفة تجارة حلب إلى دعم مدينة حلب والنظر إلى خصوصيتها والظروف الصعبة التي تعرضت لها، بشكل سيسهم في الإسراع في إقلاع صناعتها وتجارتها، فاليوم، على حد قوله، إن عادت حلب عادت سورية، فالاقتصاد السوري, وإن كان متكاملاً مع بعضه لتحقيق التنمية الاقتصادية لكن مساهمة حلب في الاقتصاد السوري باعتراف الحكومة تبلغ 39%، لذا كلما أعيد تأهيل المنشآت الصناعية والمواقع التجارية حققنا نظرة تفاؤل بأن تكون حلب الرافد الاقتصادي لسورية.
إضافة إلى الخصوصية الحلبية أكد الدباغ أن المنطقة وسورية حالياً تعيش حالة من الركود الاقتصادي، وغرفة تجارة حلب تحاول التواصل مع الوسط التجاري للمشاركة في جميع المعارض الداخلية والخارجية، لتأمين انسياب السلع المنتجة محلياً إلى دول الجوار وأسواق المنتجات السورية المعروفة، مشيراً إلى ضرورة المشاركة في معرض بغداد الدولي المهم، علماً أن هناك فعاليات مشاركة من دمشق وحلب وبقية المحافظات لعرض منتجاتها وتسويقها في المعرض بالشكل الأمثل، متمنياً على جميع المشاركين أن يقوموا بتسويق بضائعهم بشكل متميز يليق بالمنتج السوري بشكل يسهم في توفير الاستقرار الاقتصادي ويتيح للجميع معادلة التخلص من الواقع الاقتصادي الذي سببته عملية الحصار الاقتصادي على البلاد، وسط سعي قطاع الأعمال بالتعاون مع الحكومة إلى تفعيل الدور الاقتصادي على المستوى الداخلي والخارجي.

رحاب الإبراهيم