إذا كان الشاعر في الماضي يقبض كيساً من الدنانير لقاء قصيدة مديح يقبر الفقر بعدها، فإن شاعر اليوم يأخذ قرضاً كي يطبع ديوانه الذي لا يقرؤه إلا المقرّبون من الأهل والأصدقاء.. الصحفي يقضي عمره وهو يعيش على القطعة الخبرية حتى يأتي خبره من دون «احم ولا دستور».. والروائي لا ينجو من الفاقة إلا بجائزة يمكن أن يجود بها حيتان المال.. الباحث والمفكر ومؤلف النصوص، يقفون بالطوابير أمام منابر تبييض العملة ويقولون: «من مال الله يا جماعة»!.
سيقول البعض: المشكلة في تسويق النص يا أخي!. (كأننا في سوق الهال نبيع البطاطا)!. وسيرد آخرون: لا، أبداً، المشكلة تكمن في المنابر التي تدفع أكثر من أجل ترويج نوع محدد من البضاعة الثقافية!. كأن على الكاتب أن يخترع نصوصاً للسنّ المحير و«الإكس لارج» كي يبيع قمصان النصوص من كل القياسات..!. سيقول بعض الجهابذة: يا أخي لابد للحكومات من وضع الخطط لرفع تعويضات الإنتاج الفكري.. وسيرد عليهم آخرون: يا أخي دعهم يؤمِّنون الخبز والغاز والمازوت «بالأول»!.
نكتة العيش من الكتابة أصبحت «بايخة»، وإذا كنا في السابق قد طالبنا بفرض الضريبة الثقافية على الشركات الاقتصادية، نقول اليوم: «يبعتلهم ضريبة» أولئك الفاسدون الذين «أكلوا الفطير والخمير».. «منيح هيك»؟.

زيد قطريب