شام تايمز – متابعة
أقيمت في فرع السويداء لاتحاد الكتاب العرب ندوة نقدية للإضاءة على الرواية الأولى للكاتبة “اكتمال برجس” وهي بعنوان “فدية المسك”، الرواية التي كابدت الكاتبة في كتابتها ونثر حروفها مستخدمة دموعها قبل أدواتها لما انطوت عليه من أحداث مؤلمة وتجارب تزعم أننا نحن جميعاً عشناها بكل ما تحمل من استدراكات وتأمّلات ودهشة ومفاجآت.
بدأت الأستاذة “زهار الشامي” مشاركتها بإثارة العديد من التساؤلات التي يشي العنوان بها، وتتحدّث عن الشخصية الأساسية في الرواية وهي (نورا)” التي تنتحر لتظل السمعة نقيّة وطاهرة، وتفسّر انتحارها انتصاراً للوهم على الحقيقة والحقد على الحب ليخلّف اليتم والقهر، وتشير إلى رضوخ الشخصيات لإرهاصات الموروث من العادات والتقاليد والتعايش معها بمرارة وصراع دون تمرّد، ووصفته أ. زهار صراعاً ساكناً أفقه مغلق وغير مفتوح على مستقبل أكثر عدالة وإنصافاً للمرأة والمجتمع، كما لفتت إلى طريقة الخطف خلفاً التي استخدمتها الكاتبة في عرض أحداثها.
وبدورها ذهبت الأستاذة “لجين حمزة” نحو الجملة الافتتاحية للكاتبة، وتصفها جملة مغلّفة بالاتزان والوعي، ومبطنة بكم هائل من الاعتذار، كما تفجّر في البال تساؤلات لا تحصى، فالكاتبة تقول في افتتاحيتها: ( أعلم يا صغيرتي أن أبجديات الأرض كلها لا يمكن أن تعوّض طفلاً عن إحساسه بالأمان المقترن بلفظ كلمة “ماما”)، بعدها تستجلب القارئة العديد من الأمثلة من صلب الرواية وتشرح جوانبها الاجتماعية، وتؤكّد على أن تركيز الكاتبة على تصوير البنى الاجتماعية البدائية تكرّس مخاوف الإنسان الغريزية، وقارنت بين قصتي الحب الموجودتين داخل الرواية وختمت بالتّنويه عن استخدام الكاتبة الكثير من العبارات التي تقترب من العاميّة، بل هي عاميّة تعرّضت للتفصيح.
كما رأى الأستاذ “صلاح الشوفي” أن الكاتبة استخدمت لغة خصبة ومتجددة وحواراً متوازناً ومقنعاً إلى حد ما، ولديها عين لاقطة للمفارقات في حياة الناس، وذكر بدراسته المحاور الثلاثة التي ارتكزت عليها الكاتبة وهي الأعراف الموروثة من السلف والفقر والبيئة الريفية والمرأة المستلبة في المجتمع الذكوري، وباعتبار الرواية هي العمل الأول للكاتبة كان لا بد من الإشارة حسب رأيه إلى بعض الثغرات في بنيتها ومنها أنها مثقلة بتعدد الشخصيات التي تعود إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، وتكرار الموت الذي يأتي على شكل حدث جاهز تماماً، وأيضاً سكون الزمن الروائي دون أن يطرأ تحوّل على الشخصية الروائية.
تعدّ الكاتبة “اكتمال” أن الشّخصيّات في أية رواية هي مرايا سرّية مدفونة في النّص وتعكس لنا الواقع، موضّحة أنها ألبست الثوب الأسود أو الرمادي لكل الشخّصيات وفي أحسن الحالات كما قال لها أغلب القرّاء، بغاية التعبير عن أننا ما زلنا حتى هذا الوقت نعبُر حقول الشوك من خلال تجريم الإنسان حين يضعف أمام عواطفه وغرائزه الطبيعية، وبأن لحظات الألم التي تُقرأ عادة بين السطور جديرة بأن تجعل الإنسان يتّسع ويزداد حكمة وقدرة على المواجهة، والمحاكمة الرّبانية على الأرض تدعونا للتّفكر والتّأمل في المعنى الحقيقي للحياة، وأن الأدب هو القوة الناعمة التي تدفع بنا لنتلمّس الطريق نحو عالم أفضل.