“زورقُ الموت” من “طوقِ نجاة” إلى مأساة

شام تايمز – رغد عيسى

لا تسأل مهاجراً حمل همّه على عاتقه لم ذهبت، ولا تسأل فتاةً خريجة جامعيةً لمَ كان رهان حياتك البحر، ولا تطلق لومك اتجاه شاب طاردوه في أحلامه فركب البحر هارباً؟ حتماً إنه ليس الملجأ الوحيد ولا الأفضل، ولكنهم اعتنقوه كغريق لم يجد سوى “قوارب الموت” قشةً يتعلق بها، فالحياة لا تقاس بأعمارنا وأيامنا منذ الولادة حتى الموت بل تقاس بنوعية الحياة، فكم من غريق سار قبل غرقه ميتاً يتظاهر بالعيش أمام الأحياء.

ففي مشهد لم يكن الأول، وربما لن يكون الأخير، عتم الموت على قلوب كثير من السوريين واللبنانيين حزناً على ضحايا ركبوا البحر في سبيل الحياة، وليس بالحدث الغريب ذلك، ولكن المأساة حين ابتلعهم البحر وقذفهم جثثاً هامدةً على الشاطئ مجردين من أحلامهم وأمنياتهم خاتمين كل أسباب الموت.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي والنشرات الإخبارية، الخميس الفائت، بخبر غرق مركب لبناني على الحدود البحرية السورية – اللبنانية، وتصدرت تلك الحادثة الشاشات التلفزيونية وأصبحت الخبر الأول، وأفاد التلفزيون العربي السوري عن غرق مركب لبناني عند الحدود البحرية اللبنانية – السورية، وأنه تم إنقاذ عدد من حالات الغرق على شاطئ طرطوس، وإسعافهم إلى مشفى “الباسل”.

ووثّقت التقارير الإعلامية حالة أهالي الضحايا ومشاعرهم الحزينة وانتظارهم بصيص أمل يبشرهم بنجاة أبنائهم، وبحسب أحد الناجين من “زورق الموت” لـصحيفة “الوطن”: كان يوجد قرابة 160 شخصاً على متن الزورق”.

وفي متابعة لحصيلة ضحايا المركب اللبناني الغارق، بيّن مدير الموانئ السورية العميد “سامر قبرصلي” حتى ساعة كتابة هذه المادة عن وجود جثتين عند “جزر حباش” قرب جزيرة “أرواد” تم انتشالهما ليزداد عدد ضحايا المركب الغارق إلى 97 شخصاً.

كما تم تخريج 14 ناجياً من أصل 20 كانوا يتلقون الرعاية الصحية في مشفى “الباسل” بطرطوس، بعد تحسّن وضعهم الصحي، في حين تم تسليم 32 جثماناً، 17 منهم سوريين و15 لبنانيين بعد أن تم التعرف عليهم واستكمال الإجراءات القانونية أصولاً.

وحول حادثة غرق المركب أوضح مدير عام الموانئ البحرية العميد المهندس “سامر قبرصلي” أنه في الساعة 4.30 أبلغنا مدير ميناء أرواد عن وجود حالة غرق لشاب بالقرب من إحدى السفن الراسية، ثم أرسلنا زورق لاستكشاف الأمر وإنقاذه، عندها عثُر على جثة طفل وبدأت جثث الضحايا بالظهور.

وبيّن “قبرصلي” أن غالبية الضحايا والناجين عُثر عليهم قرب جزيرة أرواد، ومنهم وُجِد عند “عمريت” والمنطار وغيرها من المواقع، وفي حصيلة أولية حينها، ذكر أنه تم العثور على 15 وفية، و8 ناجين.

وبحسب وسائل الإعلام، فإن الطيران المروحي حلّق فوق البحر للمشاركة بعمليات البحث عن ناجين من الزورق اللبناني الغارق، وشارك في عمليات الإنقاذ الصيادون والدفاع المدني والإسعاف وجهات المحافظة والمجتمع المحلي، وتواجد متطوعو الهلال الأحمر منذ الخميس، عند شاطئ طرطوس لإسعاف الناجين ونقل جثث الضحايا، كما سلم الهلال، الجمعة الفائت، بالتعاون مع وزارة الصحة عدد من جثامين ضحايا الغرق إلى الصليب الأحمر اللبناني عند معبر “العريضة” الحدودي.

بدوره وصف وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني “على حمية” الضحايا، قائلاً: “إن الضحايا الذين سقطوا وغرقوا في البحر ليس لهم ذنب، إنما ذنبهم الوحيد أنهم يبحثون عن بصيص أمل والمذنب هو من يقوم بتنظيم الهجرة غير الشرعية من الشواطئ اللبنانية إلى أصقاع العالم”.

وأعلن الجيش اللبناني أمس السبت، عن إلقاء القبض على المسؤول عن تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر القارب الذي غرق قبالة سواحل طرطوس، والذي أودى بحياة العشرات من السوريين واللبنانيين وجنسيات أخرى، مؤكداً أن المقبوض عليه اعترف بالإعداد لعملية التهريب الأخيرة من لبنان إلى إيطاليا عبر البحر بتاريخ 21 أيلول 2022، والتي أسفرت عن غرق المركب قبالة الشواطئ السورية بتاريخ 22 أيلول 2022.

من جانبه، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، “فيليبو غراندي”، حادثة غرق القارب في طرطوس بـ “مأساة مفجعة للقلب”، ودعت منظمة الهجرة الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في بيان مشترك، إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأسباب الجذرية، بشأن مأساة قارب طالبي اللجوء الذي غرق في سواحل جزيرة “أرواد” بمحافظة طرطوس.

شاهد أيضاً

الأعلاف تخفض سعر مبيع مادة النخالة لمربي الثروة الحيوانية

شام تايمز- متابعة خفضت المؤسسة العامة للأعلاف سعر مبيع مادة النخالة لمربي الثروة الحيوانية لكل …