الشريط الإخباري

ببغاوات النسخ لصق

بقلم: فؤاد مسعد

يبدو أن الدراسة الأكاديمية والوصول إلى مراتب علمية متقدمة وتراكم سنين الخبرة، كلها أمور بات هناك من ينافسها بقوة وبأبسط الأساليب وأكثرها سطحية (نسخ.. لصق)، والناتج النهائي ربما يأتي متساوياً بينهما عند العامة، لا بل المنافس الطارئ والأكثر هشاشة معرفية وثقافية قد يمتاز أحياناً بامتلاكه مفهوم التعاطي مع مفردات السوق للترويج والدعاية والوصول الأسرع إلى المتلقي، أي التعاطي وفق منطق (الماركتينغ) مع أي مادة إعلامية بين يديه، ويضع عليها القليل من البهارات والتوابل الحارة ليزيد من عدد (اللايكات)، وإن جاء ذلك على حساب المصداقية، بمعنى أنه لم يكتفِ بما أقدم عليه من نسخ لمادة إعلامية أصيلة ونسبها إلى نفسه وترويجها وإنما زاد عليها القليل من الفلفل ليجذب الواقعين في شباكه.

هناك من امتهن اختصاص النسخ واللصق بحيث يأخذ مادة إعلامية معينة أو معلومة انفرد في نشرها موقع أو منبر بعينه فيستبيحها وينشرها على موقعه في الانترنت دون الإشارة إلى المصدر، وهناك من يضع عليها اسمه دون الإشارة إلى أنه سرقها (أو استعارها) من مكان آخر، والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى، والمفارقة الأخرى التي تحدث وتُظهر سطحية تعاطي بعض المواقع مع ما يقدمون أن جهة ما (مخرج، كاتب، فنان، منتج..) تصدر بياناً تتناقله (نسخ لصق) الكثير من المواقع على السوشل ميديا كما هو وبكل ما فيه من أخطاء إملائية أو نحوية!.. أي دون بذل أدنى جهد في قراءته أو تحريره ضمن الخبر، وبالتالي إن لم يقرؤوه ويصححوه فهي مصيبة وإن قرؤوه ولم يعرفوا الخطأ أو لم ينتبهوا إليه فالمصيبة أكبرُ، وهو مثال صارخ على آلية تعاطٍ استهلاكي يومي لا رقيب ذاتي فيه ولا محاولة حتى للاجتهاد، إن لم نقل محاولة للخلق والإبداع.

والمصيبة أن كثيرين هجروا الكتاب والوسائل التي تتمتع بمصادقة حقيقية وباتت ثقافتهم رهينة الاعتماد بشكل أساسي على ما تقذف به آلة السوشل ميديا التي يُدار العديد منها وفق ذهنية تجارية بحتة كأن يدس أحدهم مادة إعلامية تكيل المديح بفنان لتبدأ عملية النسخ لصق وتصديره (عن دراية أو بدونها) على أنه الأكثر مُتابعة عند الجمهور رغم أن الغالبية لم يسمعوا باسمه أصلاً، ويُضاف إلى ذلك كله ما اصطلح عليه بـ (تريند) ففجأة تجد أن مسلسلاً نال هذه الميزة دون أن يستحقها، وفي النتيجة هي لعبة تحتاج لمن يُتقن التعامل مع مفاتيحها.

لا يكفي اليوم أن تقدم الجيد فالمهم كيفية تسويقه وفق آلية تحترم الجمهور، وهناك العديد من المواقع المحترمة التي تُدار بأمانة كبيرة ومصداقية عالية ومهنية تُرفع لها القبعة، وهي مواقع معروفة لدى شريحة واسعة من المتابعين والمهتمين، ولكن لا بد من الوصول إلى صيغة تستطيع فيها العملة الجيدة طرد العملة الرديئة، أو كشفها على أقل تقدير، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من العمل والمتابعة والإشارة إلى مكامن الخلل بجرأة ومصداقية.

شاهد أيضاً

“شام تايمز” تشارك في الرعاية الإعلامية للنشاط الترفيهي الذي نظّمه النادي الدبلوماسي بدار السفينة بدمشق

شام تايمز – خاص تحت رعاية وزارة الخارجية والمغتربين، شاركت شبكة “شام تايمز” بالرعاية الإعلامية …