الشريط الإخباري

فوبيا البدايات والنهايات

بقلم: فؤاد مسعد

يتورط العديد من الكتاب في فخاخ يحيكونها بأنفسهم، والمفارقة أن هناك مخرجين يقعون في شباكها دون دراية خاصة عند قراءتهم السطحية للنص فيكتفون بتنفيذ المكتوب دون أدنى محاولة منهم للخلق والابتكار، تلك الورطة التي من شأنها القضاء على تواصل المتلقي مع المسلسل تتجلى في الحلقتين الأولى والأخيرة، البدايات والنهايات.

لعل واحدة من أهم وظائف المشاهد الأولى لأي عمل درامي سعيها الإمساك بالجمهور وجذبه وإقناعه بالبقاء جالساً أمام الشاشة لمتابعة المسلسل بشغف، ومتى تنازل صنّاع العمل عن هذا الخيار فمعنى ذلك أنهم خسروا جزءاً لا يستهان به من الجمهور حتى إن أعاد العمل ترميم موقعه فيما بعد واستقامت الأحداث وتصاعدت وتيرتها، فعندها يكون قد مضى الوقت وخسر ما خسر، خاصة ضمن آلية العرض في شهر رمضان المبارك وسط اشتداد المنافسة بين الأعمال، والمفارقة أنه حتى اليوم هناك من يرى أن وظيفة الحلقة الأولى تنحصر فقط في تعريف المشاهد بالشخصيات والعلاقات التي سيتابعها عبر الحلقات القادمة، والكارثة إن فطن الكاتب لذلك كله وتجاوزه بذكاء فأتى المخرج وأضاعه بكاميرا مجانية لا تدرك قيمة المشهد ومفرداته.

أما النهايات فهناك من يتعامل معها بحرفية عالية مراعياً أن تحقق الدهشة فتأتي مفاجأة منطقية ومُقنعة في آن واحد، ولكن في أحيان أخرى قد يجد الكاتب أن الحلقة الأخيرة ورطة لا يعرف كيفية الفكاك منها، فيصل إلى مكان يسميه البعض بعقدة المنشار، وعليه إيجاد نهايات درامية مقنعة للحكايات المطروحة وخاتمة مناسبة تتماشى مع منطق الحلقات السابقة، والمصيبة عندما يلجأ إلى الحلول السريعة بعد أن سارت الأحداث لمدة ثلاثين حلقة كالسلحفاة فيجمع خطوطه الدرامية كلها معاً واضعاً حبكة النهاية كيفما اتفق وإن عِبر بترها إلى درجة تظهر فيه وكأنها هبطت فجأة من السماء، أو يتركها مُبهمة غير مفهومة لعل المنتج يقتنع بإنجاز أجزاء أخرى للمواسم الدرامية اللاحقة.

يبدو أن هناك كتاباً ومخرجين يعانون من فوبيا البدايات والنهايات، في حين أن العملية الإبداعية كل متكامل وأي خلل في أي عنصر منها يؤثر سلباً على العناصر الأخرى، والمتابع لما يعرض على الشاشات في الشهر الفضيل يعرف تماماً أن هناك أعمالاً خسرت بالفعل مشاهديها المُفترضين من حلقتها الأولى، والخشية أن يتكرر ما حدث في المواسم السابقة مع عدة أعمال حيث تبدل رأي المتابعين بعد الحلقة الأخيرة لأنها جاءت ضعيفة بعيدة عن المنطق فأضاعت كل النجاح الذي حققته الحلقات السابقة.

شاهد أيضاً

“ريما عبسي”: من المهم جداً إقامة مثل هذه الدورات التدريبية التي تختص في المراسم والتشريفات والإتيكيت وآداب السلوك

شام تايمز – جود دقماق تصوير: مأمون كلحو نظّم المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين …