القمح يواجه المجهول.. فهل ننتظر “كارثة” بعد تراجع المساحة المزروعة؟!

شام تايمز – مارلين علي

تشير التصريحات والأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام مؤخراً على لسان الحكومة حول القمح، إلى حجم الكارثة التي يمكن أن تصيب رغيف الخبز “المدعوم”، الذي اعتبرته الحكومة خطاً أحمر لعقودٍ طويلة، وعلى مدى 11 عاماً من الحرب على سورية لم يسلم من الاستهداف، حيث سيطرت ميليشيا “قسد” على محصول القمح في مناطق تواجدها، كذلك أحرق الاحتلال الأميركي الحقول، ليدّعي بعدها أنّه يحاول دعم السوريين، من خلال إدخال بذار مسمومة بشكل غير شرعي تُسبّب ضرراً في التربة لا يمكن تجاوز آثاره لسنوات عدّة، إضافةً إلى سرقة القمح وإخراجه باتجاه الأراضي العراقية، وهو ما أدى إلى حاجة البلاد إلى استيراده من روسيا، خاصة أن موسم القمح الحالي في أفضل ظروفه، لا يمكن أن يغطي أكثر من 25% من حاجة البلاد.

وعلى وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تواجه عملية استيراد القمح من روسيا مصيراً مجهولاً، حيث أوقفت روسيا تصدير القمح والشعير وسلع غذائية أخرى إلى الدول الحليفة لها، وقالت وزارة الاقتصاد الروسية: إن البلاد ستعلّق صادراتها من القمح والجاودار (الشيلم) والشعير والذرة إلى دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي حتى 31 آب المقبل، وذلك في خطوة لتأمين سوقها المحلية بما يكفي من الغذاء، ما يثير مخاوف من توقف شحنات القمح التي كانت روسيا تصدرها نحو سورية.

طمأنة حكومية
في السياق، طمأن معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية “بسام حيدر” السوريين عبر إذاعة ميلودي اف ام، أمس الأحد، قائلاً: إن استيراد القمح والطحين متاح للجميع ومن جميع المصادر وبإمكان التاجر أن يقدم على مناقصات وزارة التجارة الداخلية، أو يستورد للسوق الخاص بعد أن يقدم التاجر إجازة استيراد لوزارة الاقتصاد.

وفي 14 آذار، قال رئيس مجلس الوزراء “حسين عرنوس”: “لن تكون هناك أي مشكلة غذاء في سورية، ولدينا من القمح ما يكفي إلى ما بعد موسم الحصاد القادم، إضافة إلى استمرار توريدات القمح والمواد الغذائية الأساسية، مع الإيقاف المؤقت لتصدير عدد من المواد الغذائية المنتجة محلياً”.

واعتبر مدير المؤسسة السورية للحبوب “عبد اللطيف الأمين” في تصريح لـ “شام تايمز” أن مخزون القمح يكفي لفترة “جيدة جداً”، لافتاً إلى سعي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشكل مستمر لتأمين وتعزيز هذه المادة الاستراتيجية لضمان عدم انقطاع مادة الخبز، موضحاً أن الاستيراد مستمر لتأمين حاجة المخابز بشكل كامل.

خيارات بديلة
وفي الوقت الذي نفى فيه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، “عمرو سالم”، عبر صفحته في “فيسبوك” نية سورية شراء قمح من دولة أخرى غير روسيا، أعلنت المؤسسة السورية للحبوب أنّها بصدد التعاقد مع الهند لاستيراد 200 ألف طن قمح منها، وأنّها ستبحث عن خيارات بديلة لاستيراد القمح.

فيما استبعد مدير “السورية للحبوب”، “عبد اللطيف الأمين” وجود علاقة بين هذا الأمر والقرار الذي أصدرته روسيا بمنع تصدير القمح، معتبراً أن هذا الأمر يتعلق بالسعر فقط، فتكلفة الاستيراد ارتفعت من 317 دولاراً إلى 400 دولار للطن الواحد، وذلك بعد رفع قيمة التأمينات.

تراجع بالمساحة المزروعة
وأعلن مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة “أحمد حيدر”، في 11 من آذار، تراجع المساحة المزروعة بالقمح في سورية، موضحاً أنه لا يمكن إحصاء تقديرات إنتاج القمح لهذا الموسم لعدم الوصول إلى مرحلة “التسنبل” بعد، لكن المساحة المزروعة بلغت 1.2 مليون هكتار، وهي أقل من العام الماضي إذ بلغت 1.5 مليون هكتار، وفقاً لإذاعة “ميلودي اف ام”.

وأضاف أن التراجع بالمساحات كان في مناطق الزراعة البعلية بسبب تأخر الأمطار والإحجام عن الزراعة البعلية في بداية الموسم، موضحاً أن الاعتماد الأساسي في محصول القمح على المساحات المروية ولا يوجد في مساحاتها المزروعة فارق كبير عن العام الماضي، أما البعلية فيوجد انخفاض.

وبحسب “حيدر”، بلغت تقديرات الإنتاج العام الماضي 1.9 مليون طن على مستوى كامل سورية بينما الحاجة تبلغ مليوني طن، لكن ما تم تسليمه كان بحدود 435 ألف طن، منها 366 ألف للمؤسسة العامة للحبوب، والباقي كان من نصيب المؤسسة العامة لإكثار البذار.

تخوّف وتحذيرات
وتخوّف اتحاد الفلاحين في سورية في بداية آذار الجاري من تأثر محصول القمح بشكل سلبي خلال موسم العام الحالي، باعتبار أن قسماً كبيراً من إنتاج المادة يعتمد على السقاية، خاصة المساحات المروية، ما يهدد بتأثير سلبي في حال عدم كفاية الهطولات المطرية للمساحات المزروعة، إلى جانب عدم توفر المازوت.

وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” في كانون الأول 2021 تقريراً قالت فيه إن إنتاج سورية من القمح هذا العام هو الأدنى منذ 50 عاماً، وإن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي و90% يعيشون في فقر، مبيناً أن إنتاج الحبوب مثل القمح والشعير تراجع بنسبة 63%، حيث بلغ الناتج 1.05 مليون طن بعد أن كان 2.8 مليون طن عام 2020، كما أن إنتاج القمح في سورية أصبح ربع ما كان عليه قبل عام 2011، مبيناً أن وضع القمح ينذر بحدوث مجاعة قريبة في كثير من المحافظات.

شاهد أيضاً

“روضة الرفاعي”: الهدف من الفعالية هو إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الأيتام

شام تايمز – جود دقماق انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية وتحقيقاً لهدفه الإنساني، أقام النادي الدبلوماسي …