“مأمون الخطيب”: أزمة النص المسرحي لن تنتهي إلا إذا امتلك الكتّاب الشغف للكتابة

شام تايمز – هناء أبو أسعد

بعد تخرجه من جامعة الثقافة البيلاروسية “قسم الإخراج المسرحي” عاد  المخرج “مأمون الخطيب” إلى سورية عام 1994، ليقدم لنا في المسرح القومي مجموعة من الأعمال المسرحية الهادفه نذكر منها: “الحب الكبير في المسرح العسكري – بئر القديسين الأقوى – العنزة العنوزية – خواطر – زنوبيا – كلهم أبنائي – نبض – هدنة – زيتون – اعترافات زوجية – البوابات – حكايتنا – الدب”.. وغيرها.

وخلال حديثه لـ “شام تايمز” أكد “الخطيب” أننا بحاجة دائماً إلى المسرح لأنه ومنذ بداياته كان مرآة للواقع ومازال، ومن واجبه لفت الانتباه إلى المظالم الاجتماعية، كونه منبر حر للتعاطي مع الأزمات الإنسانية، بالتالي نحن بحاجة لهذا النوع من الفن هنا في سورية، كونه يعبر عن الواقع السوري، لافتاً إلى أنه خلال العشر سنوات الماضية كان بالفعل مرآة للواقع من خلال العروض التي قدمت على خشبات المسارح في جميع المحافظات، خاصة كوننا ابتعدنا قليلاً عن الأدب العالمي أو جعلناه من البيئة السورية حتى يقترب من عقل المشاهد العربي ليكون فعلاً تلك المرآة الواقعية التي تعكس لنا المظالم التي قد تكون بحق الفرد ضمن المجتمع  أو بحق المجتمع  بحد ذاته.

 

 

وأضاف “الخطيب” إلى أن من أهم وظائف المسرح هو الإشارة إلى هذه المظالم سواء أكانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، صحيح أنه قد لا يقدم الحلول لكنه يلفت النظر إليها  بكل مصداقية، ويتكلم عنها بشكل واضح وصريح، وهو بذلك يعالج المشاكل الاجتماعية بطريقة درامية مبطنة برسائل التوجيه والتوعية، موضحاً أن المسرح ليس فقط مرآة للواقع بل خط أول للمواجهة، وخاصة في حالات الحروب فهو خط أول للتوعية والتنوير بما يحدث وعما يحدث، لذلك يقال دائماً ” المسرح خط أول للمواجهة ” وهذه المقولة صحيحة جداً كون المسرح أداة وعي وأداة للتنوير معترف عليه بكل أجناس الأدب والفكر وهو ضرورة ملحة للوجود في المجتمع المدني وخاصة في أوقات الأزمات والحروب إذ أن أغلب الصراعات الإنسانية والأمور الحياتية تمثل على خشبته الصغيرة.

أما بالنسبة لأزمة النص المسرحي العربي قال ” الخطيب”: “كل متابع لعروض المسرح في الدول العربية كافة يلاحظ لجوء عدد كبير من المخرجين العرب إلى عملية إعداد للنصوص العالمية لجعلها تتناسب وتتوافق مع مجتمعنا العربي وهذا يدل بالتأكيد أن هناك أزمة نص مسرحي عربي، وكذلك أزمة نص سوري، كون العاملين بهذا المجال في سورية بعيدين عن المسرح، وقد يكون المسرح غير مجدي بالنسبة لهم، ومن الممكن أيضاً أن يكون افتقادهم للشغف بالنسبة للكتابة بالمسرح، كون المسرح يلزمه تقنيات محددة وكونه صعب ومن غير المجدي كتابة مسرحيات”، معتبراً أنه لن تنتهي أزمة النص المسرحي في أي بلد إلا إذا امتلك كتاب المسرح في ذلك البلد الشغف للكتابة  بغض النظر عن أي شيء فقد كان  كتاب المسرح من “سعد اله ونوس” و  “وليد إخلاصي” و”فرحان بلبل” وغيرهم… يكتبون المسرح حباً بالمسرح، مثلهم مثل كاتب الرواية الذي يمتلك الفكرة لكن يجب على كاتب المسرح أن يعبر عن تلك الفكرة مسرحياً بمحبة وإنسانية وصدق لتصل إلى الجمهور، وليس بحثاً عن المادة، وللأسف هذا النوع قليل في الوطن العربي بشكل عام وفي سورية خاصة، مشيراً إلى أن خريجي الدراسات المسرحية يلجؤون إلى الإعداد الدراماتورجي في حال طُلب منهم أي عمل لأنهم بكل صراحة لا يملكون هذا الحب والحس الإبداعي لكتابة نص مسرحي.

 

             

وبخصوص تراجع الحركة النقدية المسرحية في سورية لفت “الخطيب ” إلى أن السبب هو عدم الاهتمام بهذا النوع من الفن بشكل عام ، فنحن نفتقد للنقد البناء الواعي والقراءة الأكاديمية للعروض المسرحية، ربما أنّ خريجي النقد المسرحي تنقصهم الخبرة العملية، فهم ينظرون أحياناً إلى الشكل الأدبي للعرض المسرحي ولا يلتفتون إلى قراءة العرض و تفكيكه بالشكل الصحيح من الناحية الإخراجية أو الإبداعية، فيكون العمل على تفكيك النص المسرحي ضعيف جداً، لذلك فهم في أكثر الأحيان يسعون إلى التنظير، في حال كتبوا عن العروض مبتعدين تماماً عن الهدف الساسي للنقد، مبيناً أنه بالمقابل نجد النقد الانطباعي الذي يقوم به بعض الصحفيين أو النقاد مشكورين، إذ يغطون العرض المسرحي تغطية صحفية فقط، وليس تفكيك بنيته الفنية من حيث الإخراج والسينوغرافيا والبحث في نقاط الضعف والقوة في العرض، وهذا لا يفيد الحركة المسرحية لأن عملية النقد الموضوعي والأكاديمي يساعد في الإبداع في أي مجال وخاصة المسرح.

 

         

 

وبالنسبة للورشة التي أقامتها مديرية المسارح ” ورشة إعداد ممثل ” والذي كان مشرفاً عليها، قال ” الخطيب “: “تلك الورشة كانت مهمة جداً، كونها مجانية لا تسعى إلى الربح والإتجار بأحلام الشباب التي يمارسها الأغلبية ممن يعملون بالدورات المأجورة، بغية الانتساب للمعهد العالي للفنون المسرحية، ورشة إعداد الممثل المسرحي للهواة هي بالنسبة لي نشاط يجب أن يكرر كونه يفتح الباب أمام المواهب التي فاتتها الانتساب للمعهد العالي للفنون المسرحية بالتواجد بشكل إحترافي على خشبة المسرح بعد دورة مكثفة طبعاً وهو عمل مشكور لوزارة الثقافة ومديرة المسارح والموسيقا حيث كان الدعم كاملاً من السيد “عماد جلول” مدير المسارح، ونحن نسعى بالتأكيد إلى إعادة مثل هذه الورشة وفتح الفرصة أمام مجموعة أخرى من الشباب الراغبين بذلك”.

يذكر أن المخرج “مأمون الخطيب” يعمل مدرساً في المعهد العلي للفنون المسرحية، ومدرساً في دبلوم العلوم السينمائي، وله أيضاً العديد من المشاركات السينمائية كممثل منها: فيلم “ما يطلبه المستمعون” لـ “عبد اللطيف عبد الحميد” و” صديقي الأخير” لـ “جود سعيد” و”الطريق ” لـ “عبد اللطيف عبد الحميد” و ” نجمة الصبح”  لـ “جود سعيد”.

شاهد أيضاً

“وائل كفوري” يستعد لإطلاق جديده

شام تايمز – متابعة انتهى الفنان اللبناني “وائل كفوري” من تصوير أغنيته الجديدة مع المخرج …