بين ليلة وضحاها.. بقايا الطبقة الوسطى “مسحوقون” ومتحولون إلى “الفقراء الجدد”!

شام تايمز – مارلين علي

أمام واجهة محل بيع اللحوم في سوق باب سريجة في العاصمة دمشق تقف امرأة خمسينية علها تحصل على العظام التي عادة ما يعطيها إياها “اللحام” بدلاً من رميها، قبل أن تنتقل بضع خطوات إلى الأمام حيث تتكوم بقايا الخضار، لتنبش بينها باحثةً عن حبة “بندورة” صالحة للأكل أو حبة “بصل” تاهت بين الخضروات التالفة.

وعلى بعد بضعة كيلومترات، أمام أحد المطاعم الفاخرة، تصطف السيارات الفارهة للطبقة المخملية فاحشة الثراء، لكن مظاهر الرفاهية لا تلغي وجود 12.4 مليون شخص في سورية التي مزقتها الحرب يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، في زيادة كبيرة وصفتها الأمم المتحدة بأنها “مقلقة”.

ووسط مشهد الأضداد في بلد باتت فيه التناقضات سيدة الموقف، بعد حرب طويلة استنزفت اقتصاده، قررت الحكومة إعادة هيكلة الدعم أو تصويبه ليصل إلى مستحقيه، وأقصت شريحة واسعة من المواطنين خارج إطار دعمها، وحسب تصريحات حكومية بلغت الشرائح استبعاد حوالي 600 ألف بطاقة من أصل 4 ملايين وتعادل 15% من البطاقات الأسرية، وتم اختيار الشرائح المستبعدة من الدعم بناء على مستوى الدخل لدى الشرائح المختلفة وحجب الدعم عن المقتدرة منها.

وبين ليلة وضحاها وجد المواطن “ميسور الحال” والذي يعد من بقايا الطبقة الوسطى مستبعداً من الدعم، وبطبيعة الحال لم يكن غالبية السوريين من الأثرياء قبل الحرب لكن البلاد اتسمت بوجود طبقة متوسطة واسعة، تمتعت بمستوى معيشي مريح نسبياً، ولكن اليوم اتسعت الفجوة بين الأثرياء والفقراء، ونتجت على إثر ذلك طبقة “الفقراء الجدد” الأمر الذي يعد سحقاً للطبقة المتوسطة.

الباحث الاقتصادي الدكتور “عمار يوسف” أكد لـ “شام تايمز” أن الطبقة المتوسطة في سورية لا تتجاوز 3 % وبعد قرار رفع الدعم سيتم “سحقها وطحنها”، على اعتبار أن 90% من السوريين تحت خط الفقر.

ورأى “يوسف” أن هناك الكثير من الأخطاء في القرار، وهذا ما لاحظناه من خلال تأكيد المسؤولين أنه سيتم إصلاح هذه الأخطاء وتداركها وتعديل آلية الاستبعاد من الدعم، لافتاً إلى أنه من المفترض منذ البداية معالجة هذه المسائل.

ولفت الباحث إلى أنه إضافةً إلى تدمير الطبقة الوسطى، هناك ناحية أخرى مهمة وهي عملية الفرز الطبقي بين “مستبعد وغير مستبعد” وهو ما يتوجب دراسة هذه الناحية ومعالجتها بطريقة اجتماعية، مشيراً إلى أنه يفترض أن تكون مادة “الخبز” خارج حسابات قرار رفع الدعم.

وأضاف أنه حتى مع رفع الدعم عن الشرائح التي حددتها الحكومة فهذه الفئات ليس لها حرية شراء المادة متى شاءت، على اعتبار أنها بقيت مرتبطة بالبطاقة الذكية لكن بسعر آخر، الأمر الذي يستتبع استمرارية السوق السوداء في المجتمع السوري، وكما نعلم أن المواد التي تأتي للسوق السوداء هي أساساً ترِد عن طريق القنوات الحكومية.

وتساءل الباحث عن مدى العلاقة بين السوق السوداء والسوق الحكومية، ومن يغذي السوق السوداء بالمواد المدعومة التي يفترض أن تذهب لمستحقيها؟، مضيفاً: “نحن حالياً غير جاهزين للتحول إلكترونياً، بكل أسف تم اختصار وتقزيم الحكومة الإلكترونية بشيء اسمه البطاقة الذكية وآلية جمع المعلومات، وهي بالمطلق فاشلة، فإلى أين ذاهبون لا أحد يعلم، والأخطاء أصبحت تجريبية في الوقت الذي بات فيه المواطن في مرحلة جوع وفقر وتعتير وهو غير مستعد لأي هزة اقتصادية أو هزة إلكترونية.

شاهد أيضاً

ريف دمشق..القبض على مجموعة تروج عملات أجنبية مزورة

شام تايمز- متابعة ألقى قسم الأمن الجنائي في بلدة السيدة زينب بريف دمشق القبض على …