معركة جديدة للمحاربين: الجزائر تدافع عن لقبها

تمتلك الجزائر أحد أبرز المنتخبات في أفريقيا وهي تسعى جاهدةً للحفاظ على لقبها القاري. منظومة مدجّجة بالأسماء اللامعة ومن خلفها جهاز إداري مخضرم يجعل «الخضر» مرشحاً فوق العادة للفوز بكأس الأمم الأفريقية. «محاربو الصحراء» يستهلّون حملة الدفاع عن لقبهم عندما يلاقون سيراليون اليوم الثلاثاء (الساعة 15:00) في دوالا، فكيف هي الصورة؟
يُعد منتخب الجزائر أحد أفضل المنتخبات الأفريقيّة والعالمية على حد سواء، وقد تصاعدت أسهمه في سماء المستديرة خلال «مونديال 2014»، عندما كان قاب قوسين أو أدنى من إقصاء المنتخب الألماني ضمن الدور السادس عشر. تراجع مستوى «الخضر» بعدها وتجلى الفشل بالغياب عن كأس العالم عام 2018، لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح عند اعتلاء المنتخب للمنصة الأفريقية عام 2019. أداء مثالي على الصعيدين الهجومي والدفاعي جعل منتخب الجزائر يفوز في المباراة النهائية لكأس أمم أفريقيا على حساب منتخب السنغال بهدف النجم بغداد بونجاح، ليُتوج باللقب لأول مرة منذ عام 1990. استمر المنتخب بتقديم عروضه القوية وقد نجح في التتويج ببطولة كأس العرب عام 2021، محقّقاً بذلك ثنائية تاريخية خلال عامين.
وفي ظل تطوره الهائل خلال السنوات القليلة الماضية، يدخل منتخب الجزائر بطولة كأس أمم أفريقيا الحالية والأعين مصوّبة عليه. هو بطل النسخة الماضية وصاحب سلسلة اللاهزيمة التاريخية (34 مباراة متتالية) ما يجعله نداً مرتقباً.
تجاوز المنتخب الجزائري العديد من المنعرجات قبل عودته إلى الواجهة من جديد، ومثّل الفشل المونديالي الأخير شرارة العودة إلى الأضواء. فبعد رحيل المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش، عاش منتخب الجزائر فترةً صعبة حيث عانى من عدم استقرار فني في ظل فشل سلسلة من المدربين المتعاقبين شملت ميلوفان رايفاتش ولوكاس ألكاراز ورابح ماجر، ما أدى للغياب عن كأس عالم روسيا 2018.
على إثر الصدمة المونديالية، قام الاتحاد الجزائري لكرة القدم بتغييرات إدارية وفنية للعودة إلى المسار الصحيح، وكانت البداية بتعيين جمال بلماضي على رأس العارضة الفنية للمنتخب. ظهرت قيمة بلماضي إثر تكوينه مجموعة متجانسة من اللاعبين تمكّنت من الحفاظ على استمرارية الأداء والنتائج منذ عام 2019، واستعاد «محاربو الصحراء» روح الانتماء بعد مجيء بلماضي ما أسهم في فوزهم بلقبَي كأس أمم أفريقيا وكأس العرب توالياً.
فنياً، استفاد المنتخب من طفرة المواهب المولودة في أوروبا أو الناشئة في الدوري المحلي. يتميز المنتخب الجزائري باحتوائه العديد من اللاعبين ذوي الجودة العالية والقوة البدنية الذين ينشطون في مختلف أنحاء أوروبا والمنطقة العربية، يبرز منهم كل من رياض محرز وإسماعيل بن ناصر وعيسى ماندي ويوسف بلايلي وبغداد بونجاح… إضافةً إلى ذلك، يحظى «الخضر» بمساندة شعبية كبيرة ما انعكس إيجاباً على الروح المعنوية للاعبين.
التألّق اللافت للمنتخب الجزائري لاقى إشادة كبيرة من رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، باتريس موتسيبي، قبل أيامٍ قليلة من انطلاق كأس الأمم الأفريقية في الكاميرون، إذ اعتبر أن اللاعبين الذين يمتلكهم المنتخب قادرون على تحقيق إنجازات أكبر. ونشرت صحيفة «ديزاد فوت» الجزائرية مقطع فيديو من الحوار القصير لموتسيبي، حيث قال: «الجزائر بلد جميل جداً يمتلك منتخباً رائعاً، لقد جعل قارة أفريقيا فخورة به، أتمنى لهم كل التوفيق مستقبلاً. أعتقد أن هذا المنتخب من بين المنتخبات التي قد تجعلنا نشعر بالفخر على المستوى العالمي، كلنا فخورون بالجزائر».
يتمتع المنتخب الجزائري بالصلابة في جميع أنحاء الملعب، يشهد على ذلك تحقيقه سلسلة لا هزيمة امتدت لـ34 مباراة متتالية، أقل بـ3 مباريات فقط من الرقم القياسي لإيطاليا البالغ 37 مباراة متتالية بلا هزيمة.
هذا وأوقعت القرعة منتخب الجزائر في المجموعة الخامسة ببطولة كأس الأمم الأفريقية 2022، رفقة منتخبات كوت ديفوار وغينيا الاستوائية وسيراليون، ويخوض الخضر المباراة الافتتاحية أمام هذا الأخير اليوم.
كل شيء يبدو مثالياً بالنسبة إلى محاربي الصحراء ما يجعلهم مرشحين فوق العادة للفوز بالبطولة.
يُذكر أن الجزائر سبق وأن شاركت في 18 نسخة من كأس الأمم الأفريقية، محققةً لقبين، فهل يضم الخضر لقباً جديداً في البطولة؟

محرز يحفّز زملاءه
ناشد نجم وقائد منتخب الجزائر رياض محرز زملاءه في المنتخب الوطني للارتقاء إلى مستوى التحدّي. وقال جناح مانشستر سيتي الإنكليزي في مؤتمر صحافي عشية المباراة: «ستكون هذه النسخة أصعب من النسخة الأخيرة. سيكون المستوى أعلى بعد التطور الذي طرأ على المنتخبات الأخرى، لكننا جئنا إلى هنا مع الطموح والتصميم لتكرار ما قمنا به عام 2019 وتحقيق أشياء عظيمة مجدداً». وكان محرز ساهم بشكل كبير بإحراز منتخب بلاده اللقب القاري في مصر صيف عام 2019، ومنذ ذلك الحين لم تخسر كتيبة المدرب جمال بلماضي أي مباراة.
ويُعتبر محرز من أبرز نجوم البطولة الأفريقية الحالية والتي أقيمت على الرغم من الضغوطات التي مارستها الأندية الأوروبية العريقة من أجل تأجيلها، لأنها لم تكن تريد تحرير لاعبيها في منتصف الموسم وفي خضم أزمة فيروس كورونا. وعلّق محرز على هذا الأمر بقوله: «كل شيء سار بشكل جيد مع مانشستر سيتي. الأمر لا يعود إلى الأندية لأننا نلعب مع منتخبات بلادنا وكأس الأمم بطولة كبيرة مثلها مثل كأس أوروبا أو كوبا أميركا».
وبقي محرز في صفوف ناديه خلال فترة عيدَي الميلاد ورأس السنة وخاض الدقائق التسعين في مواجهتَي ليستر سيتي وآرسنال، ولهذا السبب قرّر بلماضي إراحته من المشاركة في المعسكر الذي أقامه المنتخب في الدوحة في الأيام الماضية.

مصر بكامل نجومها
يستهل المنتخب المصري لكرة القدم مشواره في البطولة الأفريقية اليوم عندما يلاقي نيجيريا القوية في غاروا بالكاميرون (الساعة 18:00). وفي المدينة ذاتها تلعب السودان مع غينيا بيساو (الساعة 21:00)
وتعتمد مصر على النجم محمد صلاح الذي يتابع تألقه في الملاعب الإنكليزية، إذ يتصدر نجم ليفربول ترتيب هدافي البريميرليغ راهناً مع 16 هدفاً. ويحمل «الفراعنة» الرقم القياسي برصيد سبعة ألقاب أفريقية آخرها عام 2010 في أنغولا، عندما تُوّجوا مرة ثالثة توالياً (2006 في مصر و2008 في غانا).
وغابت مصر عن منصات التتويج منذ ذلك الوقت حتى عام 2017 عندما بلغت المباراة النهائية وخسرت أمام الكاميرون (1-2)، قبل أن تخرج خالية الوفاض من الدور ثمن النهائي في النسخة الأخيرة على أرضها على يد جنوب أفريقيا.
وتخوض مصر النهائيات بقيادة مدربها البرتغالي كارلوس كيروش الذي وجّه الدعوة إلى مهاجم أستون فيلا الإنكليزي محمود حسن «تريزيغيه» العائد للتوّ من إصابة أبعدته عن الملاعب منذ منتصف نيسان/ أبريل الماضي.
ويعتمد كيروش على 19 لاعباً من الدوري المحلي مع ستة محترفين فقط في الخارج، بينهم محمد النني لاعب وسط نادي آرسنال الإنكليزي.
من جهته يعود منتخب السودان ـ المتوّج مرة واحدة عام 1970 ـ إلى العرس القاري بعد غياب دام 10 سنوات وذلك عقب قهره جنوب أفريقيا في مباراة حاسمة في الجولة السادسة الأخيرة من التصفيات. ووصل منتخب «صقور الجديان» إلى ربع نهائي 2012، لكن من الصعب تخيل أنه سيكرر هذا الإنجاز تحت قيادة مدربه الجديد المحلي برهان تيا، خليفة الفرنسي هوبير فيلو المقال من منصبه.

شاهد أيضاً

لأول مرة بتاريخه.. منتخب جورجيا يتأهل إلى “اليورو”

شام تايمز – متابعة تأهل منتخب جورجيا إلى بطولة أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، بتخطيه …