من بحر الأمية إلى شاطئ النجاح.. الخرّيجة المعمرة “أحفادي يرفعون رأسهم بإرادتي”

شام تايمز – كلير عكاوي

لابد من العودة للسجل المدني لقلبها بهدف معرفة المراحل العُمرية التي وصلت لها، فحسب التقارير إنها تسير للوراء بعد أن تركت عمرها الـ 79 وعادت شابة إلى مقاعد الدراسة، “نجلاء برغل” طالبة معمّرة من قسم المكتبات والمعلومات في جامعة “تشرين – اللاذقية” حصلت مؤخراً على شهادة التخرج بدافعية وحماس للتغيير والتطوّر، لتحظى بهوية جديدة نقلتها من بحر الأميّة إلى شاطئ النجاح.

“برغل” أكدت لـ “شام تايمز” أن الإرادة هي مصدر القوة، مبيّنة أنها درست في معهد الاتحاد النسائي للأميين، إضافة إلى أنها لم تتلقى أي دروس خاصة أو عامة في المدارس خلال طفولتها.

وأوضحت أنه من غير الممكن إنجاز عمل أو الوصول إلى الهدف دون مواجهة الصعوبات، قائلة: “كنت جيب الكتاب فيه سؤال وجواب احفظهم.. وروح عالامتحان قدّم ماشي الحال”.

ونوّهت “الطالبة المعمرة” كما أطلقت عليها بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، إلى أنها كانت تحلم في الدخول إلى فرع رياض الأطفال ولم يتسنى لها دراسته في اللاذقية، فاتجهت إلى فرع المكتبات والمعلومات لأنها تحب الكتب والقراءة كثيراً، مشيرةً إلى خوف عائلتها عليها في البداية ثم تشجيعها حتى النهاية.

وعن زملائها الطلاب قالت “برغل”: “ما في أحلى منهم.. كنّا نطلع من القاعة ويقولولي تعي نروح عالكافيه، ويجيبولي قهوة وبسكوتة، كثير كنّا صحاب”، علماً أنها أوقفت تعليمها في السنة الثالثة لمدة عامين بسبب ظروفها الخاصة.

وأعلنت “برغل” عن رغبتها في دراسة الماجستير وعن عدم رغبتها في العمل، مضيفة:” درست من أجل تحقيق ذاتي فقط وليس بهدف العمل.. أريد أن أبقى طالبة حتى الموت”، لافتة إلى أن شعور الذهاب إلى الجامعة عند مرورها بين الطلاب يعود بها إلى عمر الـ 20.

“شراب الورد” هكذا وصفت “برغل” دكاترة جامعة تشرين لمساعدتها ووقوفهم بجانبها، منوّهة أنها رافقت أحفادها الثلاث بمسيرتهم في الجامعة، حيث قالوا لها: “لولا وجودك ما كنّا درسنا، ومنشوف حالنا فيك”، علماً أن لديها ثمانية أولاد وخمسة عشر حفيداً منهم خارج البلاد ينتمون إلى السلك الطبي، وغيرهم من المهندسين وأساتذة الأدب العربي.

وقالت “برغل”: “يجب على كل واحد منا أن يركض وراء الحلم فالعمر مجرّد رقم، والمرأة تستطيع التوفيق بين دراستها وأمور حياتها الخاصة ومنزلها”.

بدورها، مديرة قسم المكتبات والمعلومات والأستاذة المساعدة في جامعة تشرين باللاذقية “ينال عمران” أكدت لـ “شام تايمز” أن الطالبة “نجلاء أحمد برغل”، “أم هشام” مواليد 1942، كانت مثابرة وتحضر جميع المحاضرات النظرية والعملية، مشيرةً إلى أن الرغبة والإصرار هما أهم ما تملكه واللتان ذهبتا بها إلى النجاح والحصول على شهادة التخرّج.

وأشارت “عمران” إلى أن بعض أساتذة الجامعة تردّدوا في الثقة بقدراتها بداية المطاف لكنها أثبتت بقدرتها وعزيمتها على أنه لا يوجد شيء مستحيل، موضحة أنها متخرّجة من دورات محو أمية، ثم نالت شهادة التعليم الإعدادي والثانوي لتصل إلى مقاعد كلية الآداب في قسم المكتبات والمعلومات التي أحبّته.

وبيّنت “عمران” أن المدرسين في الجامعة ساعدوها بجميع مراحل تقدمها وتحصيلها العلمي، بالإضافة إلى تعاون الطلاب معها ومحبتهم لها، بعد استهجان الفكرة في بداية الأمر.

وتمت مناقشة مشروع التخرج للطالبة في جامعة تشرين “كلية الآداب والعلوم الإنسانية”، حيث عبّر الدكتور المشرف على المشروع “ثائر أحمد إبراهيم” عن دهشته في بداية فترة دراستها، مشيراً إلى أن الطالبة واظبت على حضور المحاضرات، وكانت دائماً تجلس في الصف الأول وناقشت مشروع تخرجها الذي كان لي الفخر بالإشراف عليه وهو بعنوان “تطور تكنولوجيا المعلومات والتحول إلى المكتبة الرقمية”.

شاهد أيضاً

رسمياً.. الفتوة يتوج بلقب الدوري السوري الممتاز لكرة القدم

شام تايمز – متابعة أُسدل الستار عن الدوري الممتاز لكرة القدم لموسم 2023-2024 مع إقامة …