“فتاة الحسكة” ضحية أخرى من ضحايا العادات المجتمعية البالية

شام تايمز – مارلين خرفان

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يوثّق جريمة قتل بحق فتاة على يد أفراد من عائلتها في ريف الحسكة، وذلك بسبب محاولة هربها مع شاب رفضته العائلة حين تقدّم لخطبتها.

وبحسب مواقع إخبارية محلية، رفضت الفتاة “عيدة الحمودي السعيدو” من حي “الزهور” في “غويران” بريف الحسكة، الزواج بابن عمها بعد رفض عائلتها الشاب الذي اختارته، فقررت الهرب معه، لتلاحقها عائلة الفتاة بعد اكتشاف هروبها، ثم اللحاق بها، وأخذها إلى منزل مهجور في ريف “المالكية”، ليقتلها عدة أشخاص ظهروا في الفيديو رمياً بالرصاص، قيل إنهم أشقائها، في حين سمع صوت في الفيديو يطلب إطلاق النار على رأسها للتأكد من موتها.

ولم يتم تحديد عمر الفتاة، حيث قال البعض 13 عاماً، وآخرون قالوا 16 عاماً، لكن غالبية المصادر أكدت أنها لم تبلغ الـ 18 عاماً بعد.

وتحولت الجريمة إلى قضية رأي عام، بعد نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم توثيقها في مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” المرتبطة بالاحتلال الأمريكي.

وأعادت جريمة قتل الفتاة إلى الواجهة قضية ظاهرة جرائم الشرف المأساوية التي كانت ترتكب سابقاً، حيث أكد المحامي “سالم مصطفى” لـ “شام تايمز” أنه تم إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ لعام 1949 وتعديلاته في سورية، وهذه المادة كانت تقدم أعذاراً وأحكاماً مخففة لمرتكب ما تعرف “بجريمة الشرف”، معتبراً أن أي جريمة ترتكب هي جريمة كاملة لا تتبع لأي ظروف مخففة، وأن العقوبة تكون على حسب الإيذاء الوارد على جسد الضحية.

ولفت “مصطفى” إلى أن ما شوهد، مؤخراً، هو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وعقوبته الإعدام لكل من اشترك بالجريمة، لافتاً إلى أن هذه الجريمة مرتبطة بالعادات البالية التي ما زالت موجودة في مناطق معينة، موضحاً أنه لا يجوز لأي شخص أن ينصب نفسه قاضياً أو حكماً حتى لو كانت الضحية مذنبة، وارتكبت فعلاً مخلاً بالآداب.

وأكد “مصطفى” أنه يجب ألا نكتفي فقط بإلغاء المادة 548 ولكن يجب النظر إلى المادة الأهم منها وهي المادة 192 التي تعتمد على ما يسمى “بالدافع الشريف” الذي لا يوجد أي تعريف واضح لهذا الدافع حتى الآن سوى تعريف واحد وهو أحد الاجتهادات لمحكمة النقض والتي عرفته بأنه “عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه”، مبيناً أنه في جريمة قتل الفتاة لا يوجد أي “دافع شريف” وكل من اشترك فيها يستحق الإعدام.

وبالعودة للمادة 548 أوضح المحامي أنها تتضمن عنصراً واضحاً وهو عنصر المفاجأة، حيث أوضحت أنه يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد، وفي جريمة “فتاة الحسكة” لا يتوفر هذا العنصر.

الناشط في المجتمع المدني “أنس بدوي” أكد لـ “شام تايمز” أن مناقشة مسألة حقوقية وشرعية هذه القصة أمر انتهى، واسم هذه الجريمة “جريمة قتل”، وليس فقط في القانون السوري ولكن انطلاقاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي بالمطلق لديه الحق الأول هو “حق الحياة”، لافتاً أنه بسبب العادات والتقاليد لا يوجد هناك فكر مواطنة مبني على علاقات أعمق بين الأفراد وبين الفضاء الذي يعيشون فيه، إضافةً إلى العديد من الفجوات وهناك علاقات قبلية توضع مكان المواطنة، والقانون لا يطبق في هذه المناطق، وهنا يوجد مشكلة أخرى غير المشكلات المتعلقة بالوعي وبالعادات والتقاليد والمواطنة، وهي البيئة القانونية معتبراً أنه لا يوجد من يراقب الجرائم التي تحصل بحق الفتيات.

وأوضح “بدوي” أن الكثير من الرجال والنساء مناصرين لحقوق المرأة وناضلوا من أجل تعديل مواد دستورية ورفع التمييز والمساواة الجندرية وإعطاء المرأة حقوقها، متسائلاً: “هل هذا الكلام يجدي نفعاً؟”.

ورأى الناشط في المجتمع المدني أنه يوجد فجوة بين الكلام النظري والتطبيق العملي، على اعتبار أنه يوجد “جرائم شرف” ويوجد مشاريع يصرف لها المبالغ الهائلة لتمكين المرأة.

وتعتبر هذه الجريمة الثانية من نوعها خلال الثلاث سنوات الفائتة، والتي يتم توثيقها بمقطع فيديو على أيدي الجناة، وسبق أن تم توثيق جريمة قتل اليافعة “رشا بسيس” على يد شقيقها” بشار”، في “جرابلس” بريف حلب الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإرهابية، عام 2018، حيث أفرغ الشقيق رصاص سلاحه بجسد شقيقته، بعد انتشار صور لليافعة مع ضباط أتراك، كما قيل حينها.

شاهد أيضاً

هل يؤدي تقييد السعرات الحرارية إلى العيش لفترة أطول؟

شام تايمز- متابعة وجدت دراسات مختلفة أن تقييد السعرات الحرارية يمكن أن يساعد الناس على …