شام تايمز
بقلم رئيس التحرير: حيدر مصطفى
تقدم الانتخابات الرئاسية التي نخوضها مرحلياً، مشهداً مختلفاً لناحية الصورة والديناميكية التي يمر عبرها الاستحقاق الدستوري، ورغم محاولات التشويه المتعمدة في الخارج، إلا أن الصورة الداخلية تبدو ناصعة أكثر، على الرغم من بعض الانتقادات هنا أو هناك والتي تأخذ في عين الاعتبار.
أبرز ما يميز انتخابات 2021، أنها تجري في ظل حالة من الاستقرار الأمني في مختلف المحافظات، دوناً عن إدلب ومناطق سيطرة الاحتلالين التركي والأمريكي، حيث رَفعت في الأخيرة، ميليشيا (قسد) راية التخريب لمسار الانتخابات الرئاسية، مصادرةً حق السوريين في التصويت وإبداء الرأي، ومخالفةً في ذلك جوهر تنظيمها الهادف إلى تحقيق الديمقراطية السورية، حسب زعمهم.
في لُب المشهد، تبدو توجهات المرشحين الحالية مناسبة للمرحلة، الأول السيد عبد الله سلوم عبد الله، عنوّن حملته بشعار “قوتنا بوحدتنا” وتحمل رسالته طابعاً إيجابياً يحدد الوحدة كحاملٍ للقوة والمناعة، فيما تفرعت عنه شعارات أخرى، أحدها يطالب بجبهة وطنية تقدمية أكثر تطوراً، أي أنه بوضوح يقدم نفسه كشخصية متعلقة بإرث الماضي، ويحاول بث الروح في أحزاب صار معظمها خارج المنافسة أو حتى التأثير، دون إنكار التمثيل الشعبي الذي ما يزال يحافظ على نفسه بقوة عند بعض أحزاب الجبهة، والشعار يوحي بأن ذلك التمثيل قد يشكل دعماً بطريقة أو بأخرى للمرشح الرئاسي في منافسته على منصب رئيس الجمهورية.
شعار آخر رفعه “عبد الله” هو “لا للإرهاب” والذي لاقى انتقادات عديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن رفض الإرهاب من البديهيات ودحر المحتلين واجب وطني، ولا يمكن أن يكون شعاراً في سياق حملة للانتخابات الرئاسية.
المرشح الثاني السيد “بشار حافظ الأسد” اختار أن يكون بعيداً عن النمطية مرة أخرى، رافعاً شعار “الأمل بالعمل” والذي يختصر على نفسه الكثير في التوضيح والتعبير عن برنامجه الانتخابي، واضعاً الأمل بالبناء والتغيير والإصلاح نصب عينيه وقلوب مناصريه كهدف، ومحدداً المسار بالعمل، وهو ما تحتاجه سورية في المرحلة الحالية والقادمة للتغلب على العقوبات والخروج من دائرة الأزمات.
المرشح “الأسد” اختار أن يكون بعيداً عن دائرة الجدل السلبي، محافظاً ضمنياً على مسار حملته الانتخابية عام 2014، والتي حملت شعار “سوا” مضمناً في حملته الحالية معاني الإعمار والحماية والإصلاح، وهي مشابهة وقريبة جداً لمضامين الحملة السابقة، مع اختلاف الأولوية، في الانتخابات الماضية أو مرحلتها كانت الأولوية للحماية والدفاع عن البلاد، حتى وصلنا إلى مرحلة يحدد فيها “الأسد” المسار بالعمل.
المرشح الثالث السيد “محمود مرعي” دخل مسار المنافسة، متشبثاً بوصفه “المعارض الوطني” وللحقيقة أضفت مشاركته طابعاً مغايراً للمنافسة، خصوصاً وأنه يرفع شعارات قد تمثل كثيرين وتعتبر مطالبَ لهم، كضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي لكنها أيضاً دخلت في خانة الجدل السلبي، على اعتبار أنها بديهيات ولا تعبر عن نظرة استراتيجية، لمستقبل البلاد ومصيرها.
ولعل أبرز الانتقادات التي يمكن أن توجه للمرشح “مرعي” أنه يضع حملته بإطار كلمة “معاً” والتي تعد اختياراً مشابهاً لحملة منافسة “الأسد” في انتخابات 2014.
على العموم تجمع الانتخابات في مشهديتها ثلاثة مرشحين، الأول السيد “عبد الله سلوم عبد الله” شخصية سياسية من صُلب الدولة تبوأت العديد من المناصب والمواقع الهامة، تحاول اللعب على وتر طرد المحتلين وإحياء دعامات الماضي، والشخصية الثانية السيد “بشار حافظ الأسد” صاحب الحظوة الأكبر في الشارع السوري والأقرب إلى قلوب الناس، القيادي الذي أشاد بصلابته الغريب قبل القريب، والذي يخطط بمنهجية للمستقبل، أما الشخصية الثالثة السيد “محمود مرعي” المعارض الوطني والذي يحاول أن يكون جريئاً في طروحاته لكسب التأييد الشعبي.