الحرفي “سوار أحمد” نزوحٌ متكرر لم يقف عائقاً أمام أحلامه

شام تايمز – حلب – أنطوان بصمه جي

يعمل الحرفي “سوار أحمد” في مجال صناعة الأحذية، بحي الشيخ فارس الذي يشتهر منذ زمن بعيد بتمركز غالبية الصناعات المتعلقة بالأحذية فيه، بداية من ورشات الخياطة والنعّال مروراً بصناعة القوالب “الموديلات” بالإضافة إلى ورشات التصميم، حيث كان الحي بمثابة وجهة تجارة معروفة للتجار الأجانب القادمين لشراء ما يحتاجونه من أنواع ومواد صناعية وحرفية مختلفة.

يقول الحرفي “أحمد” لـ “شام تايمز” إنه دخل إلى المهنة منذ 30 عاماً حينما كان في الصف السادس الابتدائي وسارع في تعلم أساسيات المهنة من أخيه، وبعد مضي ثمانية سنوات من ممارسة المهنة أي في عام 2003، عمّد إلى افتتاح ورشته الخاصة دون اللجوء إلى سحب قروض من المصارف الصناعية معتمداً على ما جناه من أموال خلال سنوات عمله السابقة في المهنة.

النزوح المتكرر

اتخذ “سوار” قرار البوح وسط صمت مريب يخيم على ورشته الصغيرة وارتباك واضح في عينيه، يروي لـ”شام تايمز” أن دخول المسلحين إلى حي الشيخ فارس أثر بشكل عام على كثير من المواطنين الحلبيين، الأمر الذي اضطرهم للنزوح من مناطقهم إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمان، إذ تعرض “أحمد” للنزوح برفقة عائلته إلى مدينة عفرين الواقعة شمال مدينة حلب والمتاخمة لتركيا، وعاود تأسيس مشروعه من “الصفر” بعدما خرج مرغماً من حيه وتركه لجميع أملاكه خلفه والبحث عن مكان آمن يحفظ له حياته وعائلته، حيث عمل كصانع عند أصحاب الورشات بعد خسارته لورشته وآلاته وحلمه الأول في مدينة حلب. وانطلاقاً من كونه من “أهل الكار” بدأ يعمل على حسابه الخاص وأسس كما يقال من “عرق جبينه” رأسمال صغير يقارب (300) ألف ليرة.

تفاقم المأساة

لم يشفع له نزوحه المتكرر من العيش بسلام واستقرار وسرعان ما تحطم أمله الثاني عند دخول العصابات المسلحة إلى مدينة عفرين مدعومة من النظام التركي، وهنا بدأت رحلة النزوح مرة أخرى متجهاً إلى قرية دير جمال المتاخمة لتل رفعت، التي عاش فيها لمدة 6 أشهر بعد خسارته لجميع آلاته في مدينة عفرين وبلغت خسائره ما يقارب مليون و800 ألف، ناهيك عن البضائع التي وزعها على المحال التجارية كدين لأصحابها “باعة المفرق”.

وفشل نزوحه المتكرر في دفعه نحو اليأس التام، وتحقق حلمه مجدداً” بالاستقرار بعد أن كابد نزوحاً متكرراً وخسارات كبيرة وآلام عميقة سرعان ما امتزجت مع بعض الدموع أثناء حديثه لـ “شام تايمز”، وعاد إلى حيه ومعشوقته الأولى “ورشته الصغيرة” في مدينة حلب عام 2018 بعد تحريرها من العصابات المسلحة وبدأ بتأسيس حلمه “من تحت الصفر” حيث بادر أحد أصدقاؤه بمنحه مبلغ مليون ومئتي ألف ليرة لشراء بعض المواد الأساسية اللازمة لإعادة دوران عجلة الانتاج وتم إعادة المبلغ المستدان إلى صديقه.

ولم تسلم ورشته الصغيرة التي لا تتعدى سوى بضعة أمتار من قذائف الإرهابيين، التي اخترقت جدرانها خلال سنوات الحرب، وأثناء عودته إليها قام بترميمها بشكل أولي للبدء بعمليات الانتاج وسط سوق يشهد بروداً في عمليتي البيع والشراء.
وأضاف الحرفي “أحمد” أن مهنة صناعة الأحذية بحاجة إلى الكثير من المواد الأساسية منها (المشمع الصناعي، السيليسيون، المسمار، ضبان فيبر، النعل، الأرضيات، القوالب الخشبية)

وعن عدد العمال في ورشته، أكد الحرفي “أحمد” وجود سبعة عمال في ورشة الخياطة من ثلاثة عائلات مختلفة، أما في قسم الشد (تركيب الوجه على القالب الخشبي) يوجد 5 عمال من أربعة عائلات، في حين يوجد عاملين في قسم الامبلاج، مضيفاً أن ارتفاع أسعار الصرف المتكررة تساهم بشكل مباشر في تكبيده ببعض الخسائر لكنه يستمر في عمله المعشوق برفقة عماله، ولم يكتفِ بمواصلة الانتاج فقط بل كانت إرادته أقوى مما تعرض له طيلة سنوات الحرب من خيبات، ووضع خطة زمنية قريبة تهدف لتكبير مشروعه المهني ليسارع في التسجيل في عدة جمعيات تعمل على تقديم قروض صغيرة أو متناهية الصغر لكن الحظ لم يحالفه حتى اليوم.

شاهد أيضاً

أسعار النفط تنخفض عالمياً

شام تايمز – متابعة تراجعت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، اليوم الأربعاء، بعد تقرير …