محاولة المعارضة لتفجير فقاعة إعلامية بدمشق.. انفجرت بها

شام تايمز – رئيس التحرير: حيدر مصطفى
تتخبط المعارضات السورية ببعضها البعض وبنفسها أحيانا، غياب الركائز والشعبية والارتهان للولاءات الدولية، يضعها في خانة اللامصداقية ومحاولات الشعبوية عبر ترويج المزيف وإعلان المواقف المتشددة، واضعة نفسها في خانة الفشل المتكرر، ومجبرةً الرأي العام على عدم الاقتناع بها وبمشاريعها على اختلاف مسمياتها وفصائلها وقواها (إن صح مصطلح القوة أو القوى في وصف بعض أحزابها أو تياراتها) نظراً لتشتتها وعدم وجود حاضنة حقيقية لها أو حتى رؤى تتوافق مع المتغيرات السياسية المحلية والإقليمية، ومن حيث تدري أو لا تدري، تصنف تلك المعارضات نفسها تلقائياً في خانة عدم الإدراك السياسي، بجنوحها دوماً نحو المواقف المسبقة والتشبث بالرأي.
الكلام السابق، ليس موقفاً، وإنما توصيف لحالة بعض الأصوات والفقاعات الإعلامية التي تسعى إلى تعكير المزاج العام، ولعب الدور السلبي المطلق في سبيل السعي للمكاسب، في لحظة تاريخية من عمر الحرب على سورية، وفي ظل أكثر الأوقات حرجاً ودقة.
لم يكن مفاجئاً سعي بعض الجماعات في سورية للفت النظر، لإثبات الموجودية (إعلامياً) بعدما شعرت بانقلاب الدفة والموازين لصالح الدولة السورية، بعد سلسلة المواقف العربية الرافضة لقيصر والراغبة بتطبيع العلاقات مع سورية، والعودة إلى تفعيل الدور السوري الفاعل إقليمياً.
والأهم من ذلك، أن تلك المعارضات لم تناسبها القناعة الدولية بسقوط مشروعها، وأن التجاوب الدولي اليوم أكبر مع نتائج مسار أستانا وتفاهمات سوتشي والقرار 2245 ومشروع اللجنة الدستورية، الذي تسعى بعض تلك الجماعات إلى إجهاضه في سبيل مصالح شخصية وفي إطار العنتريات واللعب على أوتار لم يعد لطنينها أي صدى في الأوساط الدولية والإقليمية.
وفي هذا السياق، لم يكن مستغرباً دعوة بعض الجهات (المعارضة) إلى عقد مؤتمر قيل إنه الأول منذ تسع سنوات، في دمشق، لإطلاق جبهة معارضة جديدة باسم (الجبهة الوطنية الديمقراطية)، وحددت السابع والعشرين من آذار موعداً لعقده.
الأنظار توجهت إلى المؤتمر الذي لم يعقد، ولم يعرف مكان انعقاده علناً، لنفاجئ بسلسلة بيانات متناقضة صدرت عن المنظمين المفترضين له، عن أسباب عدم انعقاده، زاعمين أن تهديدات أمنية منعت الشخصيات التي كانت ستحضر من الحضور، وأن طوقاً أمنياً مخابراتياً وجنائياً فرض على مكان انقعاد المؤتمر.
البيان الأول، زعم أن السلطات منعت الوافدين والصحفيين من دخول قاعة المؤتمر (المعلومات المسربة كانت تفيد بأنه سيعقد في منزل المنسق العام لهيئة التنسيق حسن عبد العظيم، وأن أكثر من 100 شخص كانوا سيحضرونه) وهنا السؤال الأول، هل يعقل أن يتسع المنزل لهذا العدد؟
أما السؤال الثاني، فعن أي صحفيين يتحدثون ومصادرنا تؤكد أن الدعوات لم توجه للصحافة المحلية، ولم ينشر أحد أي معلومات عن منعه. وحتى إن كانت الدعوات قد وجهت لبعض الجهات الأجنبية العاملة على الأراضي السورية، إلا أن منها من رفض الحضور نظراً لعدم أهمية الموضوع أو وزنه، ومنهم من لم يحضر على اعتبار أن المؤتمر لم يكن شرعياً.
السؤال الثالث والأهم، لماذا قد تطوق السلطات قاعة المؤتمر، وهي تسمح بالأصل بنشاط تلك الجهات ومقراتها موجودة علناً في العاصمة دمشق، وتمارس نشاطها بكل طبيعية، وتصدر منها المواقف العدائية للدولة السورية، وتطالب من وسط دمشق بإسقاط “النظام”، ولا تنفك شخوصها عن مهاجمة الدولة، عند كل مفصل، وفي كل محفل، ونشطاؤها يتحركون بحرية تامة داخل البلاد، ويسافرون ويتواصلون، ويحضرون المؤتمرات في الخارج، ويخرجون على وسائل الإعلام.
اللافت أن الجهات المنظمة زعمت ورود اتصالات أمنية إليها، تنبهها إلى أنها لا يمكنها عقد المؤتمر نظراً لعدم وجود ترخيص، ورغم الشكوك في مصداقية هذه المزاعم، إلا أنه اعتراف رسمي بخرق تلك الجهات للقانون هذه المرة، رغم أنها عقدت عدة مؤتمرات سابقاً وسط العاصمة دمشق ولم تطوق مقراتها ولم تمنع من عقدها.
عضو اللجنة الدستورية والناشطة ميس كريدي، كشفت لشام تايمز عن وجود خلافات بين قوى المعارضة، هيئة التنسيق ومنصة موسكو، وبين هيئة التنسيق والإئتلاف، تجلت بوضوح في الجولة ما قبل الأخيرة للجنة الدستورية عندما رفض ممثل هيئة التنسيق الإجابة عن سؤال يتعلق بتفاهمات مع قسد وإعداد وثيقة تفاهم معها، هذا ما دفع الإئتلاف للشعور بأن هنالك محاولات للالتفاف عليه، وورود توجيهات إليهم (هيئة التنسيق) بأن أي قرار سيتخذ سيكون من قبل الإئتلاف فقط.

وبحسب “كريدي” فإن هيئة التنسيق شعرت بانزعاج بسبب تضاؤل دورها، ومعرفتها المسبقة بأن الكفة رجحت لصالح الدولة السورية، وراحت تقدم الوعود بإطلاق جبهة معارضة من الداخل في محاولة للفت النظر هدفها الأساسي إجهاض اللجنة الدستورية بسبب نكايات سياسية، مع باقي أطراف المعارضة، وضرب الدور العربي، ومحاولة لإعادة إقناع القوى العربية بإمكانية وجود دور لهم، خاصة وأن تلك الدول أعلنت مؤخراً موقفاً متقدماً ضد “قيصر”، بحسب كريدي.
كلام كريدي المطلعة على مجريات اللجنة الدستورية، يضاف إلى تخمينات مصادر مطلعة في دمشق، تتسق ووجهة نظرها، حول زيف المزاعم التي روجت حول عدم انعقاد المؤتمر، وتدلل عليها التناقضات التي وردت في البيانات النهائية.
فكيف لسلطة تصفها تلك القوى “بالقمعية” أن تسمح بخروج بيانات مماثلة من وسط العاصمة، وبتلك اللهجة، إن كانت “قمعية” فعلاً؟
وفي خلاصة القول، يبدو يقيناً أن قوى المؤتمر الفاشل في دمشق، لم تصدر سوى فقاعة إعلامية في محاولة بائسة للفت النظر ومحاولة حجز مقعد لها، في أي تسويات أو تفاهمات مقبلة، لكن الفقاعة انفجرت بها على ما يبدو، ولم تنجح في تسويق نفسها مجدداً، بل على العكس تماماً.

شاهد أيضاً

الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون الجوع

شام تايمز – متابعة أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنه بعد مرور 200 …