شام تايمز – كلير عكاوي
“الله يستر عليكِ” جملة تردّد لفظها على ألسنة الكثيرين في المجتمعات العربية، حيث جاء فيها معنى كلمة “السترة” عند الأغلبية أنّها فعل يقتدي به الرجل حصراً دون منافس وينتظر من المرأة ردة فعل الخضوع والرضا.
وربما كان للسترة معناً مختلفاً عند الأقليات، فقد تكون مريضة وقادرة “تمشي على رجليها”، فتحقق السترة من مذلة المرض دون الحاجة لرجل، أو قد تملك مبلغاً بسيطاً يكفيها لتنام “شبعانة”، فتستر نفسها من مذلّة الجوع.
وعندما تكسو النساء أنفسهن في ثياب لو كانت “مرقّعة”، تغنيها عن الشعور بمذلّة البرد، ناهيك عن الضحكات المتواصلة رغم ما يملأ قلبها من حزن ولا نقصد هنا التعميم، فتنستر يومياً من مذلّة الانكسار.
“لا تمدي إيدك لحدا”، هذا ما قالته مرام لـ “شام تايمز” في اليوم العالمي للمرأة” وتحديداً عندما امتلكت الشهادة التعليمية والوظيفة الإدارية، لأن السترة الحقيقية هي سترة النفوس بأن تعطي الأمان لنفسك فقط، بحسب وصفها.
ولابد للمرأة أن تؤمن بنفسها وبقيمتها الكبيرة ليتعامل الآخرين معها على هذا الأساس، دون الإبحار في قصص “ساندريلا وسنو وايت” وفارس الأحلام الشجاع مع السعادة الأبدية غير الموجودة، علماً أن بعض الرجال لا يستطيعون حماية أنفسهم من أمانهم المفقود، مثل حال “سلمى” التي انفصلت عن زوجها بكامل قناعتها، قائلة لـ “شام تايمز”: لست وحيدة بعد الانفصال لكني أبحث دائماً عن الأمان.. واستطيع اكتسابه مع الأهل وفي الجامعة، والعمل… الخ”.
أما “زينة” فـ “حالها حال وبالها بال” كما يصفها المجتمع بعد وفاة زوجها، بعكس ما عبّرت لـ “شام تايمز” أنها سور حصين لنفسها وليست مكسورة الجناح بعد خسارتها لرجلها فوجود أولادها معين لها، ومع مرور الوقت وصلت إلى الاكتفاء الذاتي في اتزان عقلها، قائلة: “الحياة تستمر ولا تنتظر أحد ولا داعي للزواج مرة أخرى”.
ولا تشعر “سامية” السبعينية أنها وحيدة دون رجل لأنها اختارت عدم الزواج، فكانت سعيدة في شراء تذاكر الطائرة التي تستقلها للسياحة، إضافة إلى امتهانها العمل المخبري، مشيرة إلى أنها لم تنتظر طيلة حياتها رجلاً يحقق لها سعادتها، فيما قالت العازبة “ريما” ذات الـ 39 عاماً إنها مستقلة ومتصالحة مع نفسها، وقادرة على الاكتفاء ولا تحتاج لرجل، مضيفة: “المجتمع أساء للمرأة غير المتزوجة عندما وصفها بـ “عانس”.. لماذا لا يصفون الرجل غير المتزوج بذلك؟”.
وأشارت “ريما” إلى أنها من الممكن أن ترتبط برجل لشخصه وليس لجهده العضلي، ناهيك عن وجود أخيها سنداً حقيقي في حياتها، قائلة:” عندما أكبر استطيع الذهاب إلى مأوى العجزة دون أن أضطر لمؤسسة الزواج هذه وإنجاب الأطفال ليسندوني بكبرتي مثل ما يقال”.
“نعم أنا وحيدة دون رجُلي” هذا ما قالته “رنا” لـ “شام تايمز” بعد أن سافر خطيبها لأنها تعتبره السند والقوة وتحتاج وجوده في جميع تفاصيل حياتها ولا تستطيع العيش دونه، الأمر الذي اختلف عند “لينا” ذات الـ 36 عام، فهي لا تحتاج لرجل لأنها تُلقّب بـ “صبي البيت”، قائلة: ” فيكي توقفي على رجليكي بدونو وبعتبر حالي أخت رجال بعد ما اتوفى أخي اللي كان يسندني”.
بدورها الاستشارية التربوية والنفسية والاجتماعية “هبة موسى” أكدت لـ “شام تايمز” أن المرأة تعتبر مجتمع كامل، فهي تحمل بالرجل لتسعة أشهر وتشاركه أغلب نجاحاته، مشيرة إلى أن اتخاذ قرار الحياة دون رجل هو قرار نسبي لأن بعضهن يعتبرونه الملجأ والملاذ، والبعض الآخر يعيشون دون الاكتراث لذلك.
وأوضحت “موسى” أن الرجل والمرأة هما حلقة متكاملة، وتستطيع الأخيرة التوازن دونه ولكنها تبحث دوماً عن الأمان خصوصاً بظل أوقات الحرب، فبقدر ما كانت تتحلى بالقوة والتحدي، بلحظة معينة تنتظر كتفاً تتكئ عليه حتى لو كانت مبدعة ولديها خبرات تكفيها.
وبينت “موسى” أن شعور المرأة بسهولة الاستغناء عن وجود رجل في حياتها، يعود أحياناً إلى خوفها من الرجل أو فقدانها الثقة به في إحدى المواقف الصادمة في المنزل أو العمل والمجتمع، معتبرةً أن اعتماد الإناث على أنفسهن واستقلالهن المادي يجعلهن يرفضن متطلبات المجتمع الذكوري.
وأضافت “موسى”: “لا نستطيع نكران وجود حالات من النساء يسعين إلى تحقيق حياة غيرهنّ، تحت أسئلة كثيرة على رأسها لماذا لا أكون مثلها ويدللني زوجي مثل زوجها؟، منوّهة الاستشارية إلى أن الرجل الذكي هو الذي يحظى براحة الأنثى في حال كان حبيباً أو صديقاً وأخاً وأباً، إن صح التعبير.