شام تايمز – سارة المقداد
في خطوةٍ غير مستغربة عند بعض السوريين، أعلن مصرف سورية المركزي طرح ورقة نقدية جديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية في التداول، لتكون بذلك الورقة الأعلى قيمة في البلاد.
وجاء قرار البنك المركزي، موافقاً لتوقعات بعض محللي الاقتصاد الكلي وخبراء الخزانة، كرئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية “د. عابد فضلية” الذي توقع مع بداية عام 2021 طرح ورقة نقدية جديدة من فئة الـ 5000 آلاف ليرة سورية، رغم نفي المصرف حينها تلك المعلومة، وكأنه كان طرحاً لجسّ نبض الشارع، فسنة إصدار العملة 2019، وبتوقيع من رئيس مجلس الوزراء السابق “عماد خميس.”
الباحث الاقتصادي “عمار يوسف” بيّن خلال حديثه لـ “شام تايمز”، أن تداول عملة الـ 5 آلاف ل.س لا يؤثر على سعر الصرف في حال تمت المحافظة على كمية السيولة الموجودة بالسوق من العملة السورية، موضحاً أن تلك العملية تتم من خلال سحب بعض الكتل النقدية كالنقود المهترئة، وعن طريق إلغاء بعض الفئات القديمة مثل الـ 500 ل.س مثلاً، فالعملية هي إدخال كتلة وسحب أُخرى، وبذلك إذا تمت العملية بتلك الطريقة لا تؤثر على السعر، ولكن “أشكّ بذلك” حسب قوله.
وأكد “يوسف” أن البلاد ستشهد زيادة في التضخم وانخفاض بسعر الليرة مقابل العملات الأُخرى بحال لم يتم تحقيق تلك المعادلة “سحب كتلة”، مقابل غيرها مع ترك هامش للزيادة، مبيّناً أنه التأثير سيصل إلى الأسواق أيضاً كارتفاع الأسعار، وهذا ما يُشكل صدمة للمواطن الذي يستخدم العملة السورية، فالعامل النفسي لا يمكن إغفاله ولا يقل تأثيراً عن العامل التضخمي.
وحول التحليلات بأن سورية اقتصادياً ستكون على غرار لبنان، أوضح “يوسف” أن سورية بالمدى المنظور لا يمكن أن تصل إلى حالة لبنان الاقتصادية، فالنظام الاقتصادي بسورية لا يشبه الموجود في لبنان، “فنحن ما زلنا نقاوم بالإنتاج وموارد الحكومة، مضيفاً “ولكن بالمدى البعيد من الممكن أن نصل إلى تلك الحالة إذا لم يتم الانتباه إلى أدق التفاصيل خصوصاً أن الدخل بلبنان للرواتب والأجور بحدود 700 دولار.
وعن تبرير طرح “المركزي” هذه العملة خلال الوقت الحالي رغم طباعتها سابقاً، قال خلال بيان له: إن “الوقت قد أصبح ملائماً وفق المتغيرات الاقتصادية الحالية، لطرح الفئة النقدية الجديدة”، موضحاً أنه طبع تلك الفئة منذ عامين “بناءً على دراسات قام بها خلال السنوات السابقة ووضعه للخطة الكفيلة لتأمين احتياجات التداول النقدي من كافة الفئات”، وقد تبينت له “الحاجة لفئة نقدية أكبر من الفئات الحالية المتداولة ذات قيمة تتناسب مع احتياجات التداول النقدي”.
وبيّن المصرف أن طباعة تلك الفئة جاءت بهدف “تلبية توقعات احتياجات التداول الفعلية من الأوراق النقدية، وبما يضمن تسهيل في المعاملات النقدية وتخفيض تكاليفها ومساهمتها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية، إضافة إلى التخفيض من كثافة التعامل بالأوراق النقدية بسبب ارتفاع الأسعار خلال سنوات الحرب والحصار الجائر.
وأشار إلى أن من الدوافع أيضاً “التخلص التدريجي من الأوراق النقدية التالفة لا سيما وأن الاهتراء قد تزداد خلال الآونة الأخيرة، وأضاف المصرف أنه “يعمل على التوازي لإيجاد حلول للنقود من مختلف الفئات من خلال العمل على تحضير البنى اللازمة لعمليات الدفع الإلكتروني بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وتعتبر سورية من أقل الدول اعتماداً على الفئات النقدية الكبيرة، ففي لبنان مثلاً تصل قيمة أكبر فئة إلى ما يعادل 30 ألف ليرة سورية تقريباً وفي أميركا تصل إلى ما يعادل 43 ألف ليرة وفي أوروبا إلى أكثر من 250 ألف ليرة، بحسب “المركزي”.
واستقرت الليرة السورية بين أيار 2017 وتموز 2018، كما شهدت تحسناً مؤقتاً، حيث انخفض سعر صرف الدولار إلى 444 ليرة بدلاً من 524 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، في حين انخفض سعر الصرف الرسمي من 494 ليرة إلى 434 ليرة مقابل الدولار في تشرين الثاني 2017/ ولم يكن هذا التحسن مرتبطاً فقط بسياسة المصرف المركزي وإجراءاته الجديدة التي اتخذها، بل أيضاً ببعض التطورات التي طرأت على الاقتصاد، مثل تحسن بيئة العمل لبعض الشركات السورية في بعض القطاعات عام 2017.
وعاد الاقتصاد السوري شهد تراجعاً مع توسيع الولايات المتحدة الأمريكية حزمة عقوباتها على سورية، من خلال إصدارها ما يسمى قانون “قيصر” في 2020، بعد سلسلة من قوانين أقرتها على شركات وشخصيات سوريّة، وكل من يزود حكومة البلاد ببضائع أو خدمات أو تقنيات للقطاعات العسكرية والنفطية ولكل ما يمت بإعادة الإعمار بصلة.
يذكر أن السعر الرسمي للدولار محدد في البلاد منذ أشهر عند 1256 ليرة سورية، بينما سعره في السوق الموازي يكاد يلامس 3 آلاف ليرة.
وكان المصرف المركزي السوري طبع منذ عدة سنوات أوراقاً نقدية جديدة ووضعها في التداول من فئات ( 50 – 100 – 200 – 500 – 1000 – 2000) ليرة سورية، وكانت آخر فئة يطبعها هي 2000 ليرة في عام 2015، ووضعها في التداول في النصف الثاني من عام 2017
وأعلن مجلس الشعب السوري في أيار 2018، عن مشروع قرار جديد يجيز للمصرف إصدار ورقة نقدية من فئة 5000 ليرة سورية، بدافع أن الفئات الكبيرة مناسبة جدا لتسهيل التعاملات النقدية، متوقعا إقبال البلاد على رواج اقتصادي كبير في السنوات المقبلة