الفجوة بين الطموح والواقع، والبخل بدعم فئة الشباب.. إلى متى ؟!

شام تايمز – حمص – هبه الحوراني

يجلس الشّبان على موائدِ الأمل بأرواحٍ عطشى “لقطرة حلم” عسى أن يتحقق مهما شابت ساعات الأيام، ينتظرون بشغف ما يسدوّن بهِ ظمأ قلوبهم وجيوبهم للعيش بكرامة لا أكثر، فيكون التفاوت بين الحلم وصفعات الواقع كالجدار الإسمنتيّ السّميك.

الفرق الشّاسع بين الرغبة بالنجاح، وما يوازي هذهِ الرغبة من ضآلةِ بحجم الفرص هوَ حديثٌ ليسَ بجديد في بلادنا، وهذا ما يجعل بعض الشّبان لقمة سهلة يلوكها الإحباط والاكتئاب وبعضهم يتمسك بآخر بصيص أمل للوصول “ألا وهوَ الهجرة”، فيتحملوّن مشقة الغربة والبعد عن الأهل لمجرد سماعهم بأن تلك البلاد الغريبة أرض خصبة لزراعة الأحلام وحصد العمل مهما كان شاقاً طالما النتيجة سوف تكون جيدة مقارنةً بطموحاتهم وأحلامهم وأفكارهم المدفونة داخل أرضٍ لا تُثمر.

يقول الشاب”ع ش”: أنا خريج كليّة الاقتصاد، وفي ذات الوقت ممثل مسرحيّ، كنت أعمل طيلة فترة دراستي في مطاعم متفرقة من حمص، فإن توقفت عن العمل لن أستطيع الاستمرار بالدراسة، لذا حاولت دائماً الحفاظ على التوازن بين العمل والدراسة.

تابع الشاب: بدايةً كنتُ اسعى للعمل ظناً مني أنّني سأكون قادراً على توفير مبلغ معين بعد اقتطاع مصاريف الدّراسة لفتح “مطعم صغير”، ولكن بعد العقوبات الاقتصادية التي طالت سورية وما رافقها من ارتفاع الأسعار بشكل جنونيّ بات هذا الأمر صعب جداً، فبعد الحسابات وجدت أن رأس المال الذي أملكه وهو حصيلة عمل خمس سنوات لا يكفي لشراء معدات المشروع كما أن أجرة المحال ارتفعت أيضاً، وفيما يخص عملي بالمسرح، حاولتُ جاهداً مع الفرقة التي أعمل بها إيجاد جهة داعمة لأعمالنا، وكل جهة كانت تتذرع بحجج مُسيرة للسخرية، فبعض الجهات تخاف الخسارة المادية ومقولتهم الوحيدة: “نحنُ غير مضطرين لدعم مشاريع قد لا تعود علينا بالرّبح”، وبعضهم الآخر يضع شروطاً مقيدة للنص وللممثلين لتناسب توجهات وتطلعات الجهات الراعية للعمل بشكلٍ مُخزي جداً، وبعيداً عن العمل والمسرح؛ حتى الحب والزواج باتَ من الأحلام البعيدة جداً، فكيف لشاب غير قادر على إعالة نفسهِ أن يعيل زوجته وأولاده، فمجرد التفكير بالمستقبل والوضع المعيشي يؤدي للإحباط والاكتئاب، وفعلاً بعد كل تلك التجارب لم أجد حلاً سوى السفر وخاصةً بعدَ العرض الذي قدمته لي إحدى الشركات في الخارج منذُ فترة قصيرة.

ختم الشاب حديثه، قائلاً: أتمنى دعم الشّاب السوري معنوياً قبلَ دعمه مادياً، واستغلال الشغف الكامن في عنصر الشباب وتوجيهه لخدمة المشاريع التي سوفَ تعود على الدولة بالكثير من الأرباح، وبعد ذلك ستكون قادرة على احتواء أفكار ندية وجهود جبارة قادرة على إتمام أصعب المهمات إن توفرت لها بيئة مناسبة وأرض خصبة.

أما “فادي” فقال: أنا كسائر الشّباب يتعارض طموحي دائماً مع الواقع الشّحيح، وكلمّا حاولت إطلاق العنان لأحلامي كي تُحلق في سماء المستقبل تنهال عليها الصّفعات من جدرانِ الواقع، رغم ذلك لم استسلم فأنا أدرس وأعمل وأحاول جاهداً لأصنع ذاتي، وبدأتُ بمشروع صغير مع أصدقائي علّنا نستطيع صنع بصمة مميزة، وفي ذات الوقت نحاول من خلال هذا المشروع تأمين ما يسد حاجاتنا من مصاريف بالإضافة لتوفير فرص عمل لأصدقائنا في الجامعة كي يسددوا رسوم التسجيل والمحاضرات.

ويضيف “فادي”: جمعنا مبلغ من المال لشراء المعدات اللازمة لعملنا، واستخدمنا ما نملكه من أدوات قديمة، حيثُ نقوم من خلال هذا المشروع بإعادة إصلاح كل ما هو تالف من ملابس وغيرها، ولم نكتفي بالإصلاح بل قمنا بالتصميم والحياكة أيضاً، فالقطع التي ننتجها من أدوات بسيطة تتلقى إقبال ولا تكلفنا الكثير سوى الجهد، ومن ثم نقوم ببيعها لندخر ما يمكنهُ أن يدعمنا مستقبلاً ويساعدنا في توفير متطلبات المعيشة حالياً، بالإضافة لوجود الكثير مِمن يجيدونَ الرّسم والحفر على الخشب، كل هذهِ المواهب والجهود البسيطة حاولنا أن نستثمرها ونُسّخرها لدعم كل من نجده بحاجة لدعم، وعملنا هذا لا يرتكز في منطقة معينة، فمعظمنا يقوم بالعمل بمنزلهِ وأحيانا نعمل كمجموعة في منزل أحد الأصدقاء، لذا لنا وجود في كل أحياء حمص تقريباً، ومازلنا ببداية الانطلاق وسنبدأ بالإعلانات والترويج للعمل مع بداية العام الجديد إن شاءَ الله.

وتقول “رهف” وهي طالبة في كليّة الحقوق: إنّ الفرع الذي أدرسهُ لا يوجد فيهِ التزام بالحضور، هذا دفعني للعمل بدايةً في محلٍ لبيع الأحذيّة، ثم بدأت سلسلة انتقالي من عملٍ إلى آخر إما بسبب ضآلة المبلغ الذي يدفعهُ أصحاب المحال أو بسبب معاملتهم الغير لائقة والوقت الطويل الذي يتحكمون بهِ بعد ملاحظتهم حاجتي للعمل، ومنذُ قرابة الشهر رأيتُ إعلاناً مطلوب فيه موظفات للعمل في شركة مكياج، كان شرطهم في البداية أن أكون مندوبة بشكلٍ مؤقت وبعدها يصبح عملي إداريّ ضمن الشركة، ثم اكتشفت بأن عملي كمندوبة مستمر ولن يتغيّر فتركتُ العمل مباشرةً، أما اليوم بدأتُ بعمل جديد يقوم على ترويج ونشر البضاعة على السوشل ميديا، العمل ليس سهلاً لكن لا بأس بهِ.

الجدير بالذكر أن أصحاب الأعمال يستغلوّن حاجة الشّباب للعمل ليضعوا شروطاً قاسية كالرواتب الضئيلة والوقت الطويل بالإضافة للمعاملة السيئة أحياناً، وبالنسبة للمشاريع التي ينطلق منها الشباب كخطوة متواضعة نحوَ المستقبل، معظمها تكون بدعم وتمويل ذاتي، أما عن دور ودعم رجال الأموال لهذهِ العقول والجهود لن يكون صعباً فلماذا هذا الشّح؟!

شاهد أيضاً

مصرف التسليف الشعبي يوقف طلبات قروض الطاقة

شام تايمز- متابعة  أعلن مصرف التسليف الشعبي ،أمس الإثنين، إيقاف الإحالات من صندوق دعم الطاقة …