لبنان المنفجر.. مرآة للمنطقة أم حقيقتها؟

رئيس التحرير: حيدر مصطفى

غرق اللبنانيون في بحر من الخيبات والانكسارات، وبعد مرور شهر على كارثة انفجار مرفأ بيروت، تمسكوا بأمل إخراج جثة من تحت الأنقاض زعم الباحثون أن قلبها ما يزال ينبض، بعدما “أشّرَ” إليها كلبٌ قادمٌ من تشيلي لينقذ رفات من بقي بعداد المفقودين تحت الأنقاض.

الأنظار توجهت مجدداً إلى بيروت، أيام عديدة والانتظار سيد الموقف، عملٌ دقيق لفريق الإنقاذ التشيلي والدفاع المدني اللبناني، بحثاً عن النبض الظاهر على جهاز البحث، إلا أن شيئاً لم يخرج من تحت الرماد.

يمكن اسقاط هذه الحادثة على واقع لبنان برمته، وغيره من بلدان المنطقة، نبض خفيف تحت أطنان من الركام والرماد، وبمشهد سريالي حقيقي يحتشد المئات ويتضامن الآلاف وربما الملايين من اللبنانيين ومن حول العالم، مع بارقة أمل إخراج النبض من تحت الردم وإعادة الحياة إليه.

اللافت أنه ومع مرور الوقت وعجز الجهات المعنية عن إيجاد النبض القابع تحت ركام الطوابق، بدأت وتيرته بالانخفاض، حاله كحال البلاد التي ما زالت غارقة في وحول الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، اللبنانيون وفي كثير من الأحوال والأوضاع نصّبوا أنفسهم مسؤولين بدلاً عن أصحاب المسؤولية الحقيقية المفترضين، منهم من تبرع لاستئجار رافعة لإزالة الركام من موقع البحث عن “النبض” المختفي في مارمخايل، ومنهم من توجه إلى تنفيذ عمل مدني يوازي ما قد تقوم به أي بلدية حكومية، كمخيم BASECAMP الذي يضم عشرات المتطوعين والمتطوعات من عدة جمعيات ومنظمات لبنانية، يعملون بشكل منظم على إغاثة المحتاجين، وتقديم يد العون لهم، وإصلاح الأضرار وإزالة الركام من المنازل، وتوصيل الطعام.

في لبنان تقدمُ فئة من الشعب نفسها بصورة قيادية تتحلى بمستوى عالي من المسؤولية، والإحساس بضرورة إنقاذ البلد، وتلعب على هذا الوتر بطبيعة الحال الأموال القادمة من الخارج، ويُقال إن أعمالاً عدة تتلقى دعماً وتمويلاً من الخارج، لكنها تنجز الكثير، وفي ذات الوقت تحوّل أفراداً ومجموعات بأكملها إلى شخصيات “آناركية” لا تؤمن بوجود السلطة بشكلها الحالي، وربما يوجد لها العديد من المبررات، فالسلطة القائمة بلبنان تتغير بعض وجوهها، أما محركيها الأساسيين يحافظون حتى اللحظة على أوراقهم وحبال تحريك أدواتهم في العملية السياسية، وشؤون إدارة الدولة، مستأثرين بإرثهم المالي والسياسي، وولاءات بعض المجتمعات على أسس طائفية ومذهبية.

لبنان اليوم وبعد مرور شهر على الانفجار الأليم، يسير في مركب بلا وجهة، تائهٌ دون قيادة حقيقية، تتجاذبه الأطراف الدولية، وتستخدم آلامه كأوراق للمتاجرة على طاولة القمار الدولية، تغيّر وجه لبنان كما وجه بيروت المهشم بفعل الأمونيا والفساد، وغيّر معه وجه المنطقة بأكملها، تزامناً مع دور فرنسي مشبوه، وحدة بالموقف الإسرائيلي، وضياع في الهوية والانتماء عند كثيرين، فإلى أين تسير المنطقة برمتها؟ لا يبدو كسؤال يسهل تحليله، وسط سطوة المفاجآت وغياب القدرة على صنع الحلول للأزمات.

 

الصورة: لـ “أسامة عبيد”

شاهد أيضاً

الرئيس الفلسطيني يجدد مطالبته المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف عدوانه على غزة

شام تايمز – متابعة جدد الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” مطالبته المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال …