من يعرف حجم المسؤوليات التي تحملها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك- وفق موجبات القانون- لأدرك جوانب أبعادها المهمة في كل بيت , لأنها الوحيدة التي تصل الى كل فرد وكل فعالية أو نشاط مهما عظم شأنه أو صغر
وبالتالي فإن دورها لا يقتصر فقط على النشاط الرقابي, وضبط حركة الأسعار وانسياب السلع وتوافرها بالشكل الطبيعي, ومعالجة اعتداءات السوق من قبل ضعاف النفوس من التجار فحسب, بل تجاوز ذلك في معرفة الآثار السلبية والإيجابية لتداعيات السوق من خلال قانون السوق الذي يحكم طرفي المعادلة في التطبيق من خلال العرض والطلب, وانعكاس ذلك على توافر السلع من جهة , وارتفاع أسعارها من جهة أخرى سواء من السلب أو الإيجاب
وكل ذلك من خلال المرصد التأشيري الذي أحدثته لتحقيق القراءة المذكورة وصولاً لوضع سياسة عامة للأسعار, وإعداد دراسات متنوعة حول السلع الضرورية من حيث الأهمية والوفرة والندرة, وحالتها السعرية في كل المراحل وانعكاسها على الأسواق والمستهلك معاً , ناهيك بدراسة انعكاس سعر الصرف ومعالجة التشوهات السعرية والمحافظة على توازن الأسواق (العرض والطلب)
والأهم تحديد آلية التدخل الايجابي عند الاختناقات للوصول الى بيئة تضمن المنافسة العادلة وحماية المستهلك من الاعتداءات المتكررة من قبل ضعاف النفوس من التجار وبعض المراقبين أيضاً الذين يتعاملون معهم بصورة غير مشروعة , ويكاد لا يمر يوم إلا ويتم ضبط حالات كهذه
وبالتالي إحداث المرصد بكل المقاييس يشكل حالة إيجابية في عمل الوزارة , لكن إلى أي مدى يمكن لهذه الايجابية أن تحقق اختراقات نوعية في السوق , وانعكاسها على الأسعار في الصعود والهبوط , وحتى في تحديد نقاط القوة والضعف وحالات الخلل, وكيفية المعالجة والتفكير في الطرق والأساليب التي تسمح للجهات الحكومية المعنية بمعالجة كل ذلك , والوصول إلى سوق نظيفة إلى حد ما تراعي مصالح الجميع من منتج لحلقات الوساطة التجارية, وصولاً إلى الحلقة الأهم (المستهلك) الغاية والهدف في أي عمل.
لكن بالنظر على أرض الواقع ومراقبة الأداء التمويني بشقيه (الرقابي والتسعيري) منذ عقود لم يتغير , (مضموناً وشكلاً) رغم كل التعديلات التي طرأت على القانون والآلية , وحتى المرصد المزعوم لم يحدث أي تأثير في أرض الواقع , وأصبح حالة من النسيان , والسؤال: هل العطل في العقل البشري , أم بآلية التطبيق و اختلاف المصالح والفائدة من أي إجراء؟!

سامي عيسى