كعادته – وبشفافيته المعهودة- جاء خطاب السيد الرئيس بشار الأسد صدىً لما يدور في خلد المواطن؛ العامل والفلاح والموظف ورجل الأعمال ومختلف الشرائح الاجتماعية, وليعكس لدينا حالة من الاطلاع الدقيقة لما يهمس به الشارع, ويوصّف المعاناة اليومية للمواطن بدقة ويشخّصها بمنظار طبيب العيون ليصف العلاج المناسب سواء كان تشريحاً بمبضع الجراح لبعض الأورام التي يعانيها واقع فرضه الإرهاب والحصار الاقتصادي لجهة توفير الموارد, وكيفية مجابهة هذا الحصار أو كان لجهة وصف العلاج للحالات الناجمة عن الترهل الإداري أو الفساد, تلك الآفة التي تستشري في ظل ضعف وقدم القوانين والتشريعات, وفي هذا الصدد يأتي تشريح السيد الرئيس وتوصيفه للفساد انعكاساً لهمس وأصوات بدأت تتعالى بأن مكافحته تحتاج إلى تعليق (المشانق) وهو ما رفضه سيادته من أن مكافحة الفساد تتم بتعزيز الإيجاب الذي يطرد السلبي من خلال تحديث القوانين والتشريعات وتسهيل وتبسيط الإجراءات, وعبر هذه التشريعات ومؤسسات الدولة نحارب الفساد ولن يستثنى أحد ممن يثبت فسادهم …وكما عوّدنا سيادته ألا ننتقد لمجرد الانتقاد, والإشارة إلى الأخطاء والمعوقات لمجرد الحديث, وإنما طرح الحلول لهذه المشكلات والمشاركة الفاعلة في الحل لتجاوز معوقات العمل.
وليأتي حديث سيادته بوصلة عمل ومنهج من خلالها نتجاوز ونعبر الحصار ونكسره بالاعتماد على الذات, ودعم الزراعة كأولى القطاعات التنموية لتوفير الغذاء وتصنيعه ودعم وتنمية المشروعات الصغيرة لقدرتها على التنمية وديناميكيتها في الولوج للأسواق ودعوته لرأس المال الوطني ولرجال الأعمال المساهمة في عملية إعادة البناء والإعمار, انطلاقاً من أن رأس المال الجبان هو الأجنبي, وإنما رأس المال الوطني ليس جباناً, وإن كان فإن صاحبه أول الخاسرين ومن ثم الوطن
كثيرة هي المعاني والدلالات التي حملها مضمون خطاب السيد الرئيس وهي كفيلة أن تكون دليل عمل المرحلة المقبلة لتحفيز الهمم وتسخير الطاقات للاعتماد على الذات لتجاوز المحنة وتحويلها إلى منحة في كل المجالات.

معذى هناوي