مقهى “أم نزيه” غرفةٌ يتيمة تكفكفُ دموع الاشتياق!

شام تايمز – لؤي ديب 

اعتدنا على صباحات بيروت، وقهواتها فوق كُرسي القش السّامع الصّامت لنقاشاتنا والضحكات الصاخِبة، واحتدام الخلافات حول طاولات أنيسة فرَّقت صراعاتنا الودّية مستعينة بفيروز ونصري المختار، ضحكات في مقهى أم نزيه الذي جمع براءة القرية، وثقافة المتفقّهين، خيزران الكراسي اليوم عاتِب على عشوائيّة البشر.

يقول عابر قهوة يبحث عن الصحوة، أيا ليتها لم تكُن هنا ويا ليت أم نزيه لم يكُن أصلاً، في تلك الـ “جُنينة” المُتَّكِئة على ناصية شارع يصنَع ذكريات عابريه بوجدانٍ لا يلين، أتمنَّى اليوم أنّه لَم يحُل رُكام ولم تعاتبني أمواج ذكرياتي مع أسرتي.

ويهتِف ذلك الطَّموح الذي وجَد في مقهى أم نزيه طَرف شالٍ عُقدته الأولى في قريته السّورية السَّاحِليًّة، فأتى وعَقَد الثانية بساق طاولة يتيمة على يمين الباب الحديدي المَوصود إلى أن يمد أحد يده ويفتحه مُستأذِناً عَبق الرؤى الريفيّة المُستوطِنة في زوايا تِلك الغُرفة المهجورة إلّا من الشكوى، فلطالما تساقَطت قطرات الماء من الصُّنبور العتيق، ليغسِل الباكي دموع غُربته، ويبِلُّ الشّاكي رَمَقه.

بيتٌ حَجَريٌّ وحديقة وبضع طاوِلات خشبها تشقٌّ من طرقات لاعِبي الوَرق، وقاذِفي النَّرد، وخطوط أقلام عشَّاق الذِّكريات من موهوبين ومثقَّفين، وغرفة يتيمة تؤوي “أم نزيه”، مقهىً بِمَنزِلة وطن محمول في القلب، شاهِدٌ على وجد الاغتراب وحرقة الانتماء.

شاهد أيضاً

بإسم الرئيس الأسد والسيدة الأولى .. محافظ حلب يعزي بوفاة الكاتب والمؤرخ الدكتور محمد قجة عن عمر يناهز 85 عاماً

شام تايمز – متابعة بإسم السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد ، قدم …