ما قامت به مؤسسات الدولة من جدية في التعامل مع موضوع التصدي لوباء «كورونا» تفوق بأشواط عديدة ما قامت به دول كثيرة حتى الآن، لكن البعض عندنا تعامل مع تلك الجدية باستهتار واضح تجلى بفهم معكوس، دفع الكثيرين للتوجه إلى المولات والمتاجر، وغيرها لتخزين المواد التموينية ومواد التنظيف والتعقيم مع استغلال جلي من أغلبية التجار من خلال الاحتكار ورفع الأسعار.
في أوقات المحن يفترض أن تكون الأخلاق حاضرة وبدهية، لكنها عند بعض تجارنا غائبة ولاحياة لمن تنادي، فلا أخلاق ولا ضمير لدى هؤلاء البعض، لأن شعارهم «التجارة شطارة» ويتبجحون في محلاتهم بعبارة «هذا من فضل ربي»، لتغيب عنهم القيم في ظل غياب المحاسبة الرادعة لهم في الكثير من الأحيان، مع أن الحكومة حين تقرر شيئاً تفعله كما فعلت بمنع «النرجيلة»، أي لديها الإمكانية لفعل ذلك، وهو ما يدفعنا للسؤال: لماذا لا تفعل ذلك مع الجشعين من التجار وتريهم «العين الحمرا» لكبح جشعهم؟ لعلهم يتعظون ويعودون لصوابهم بعد فرض أشد العقوبات بحقهم.
بالرغم من أعباء الحرب على بلدنا منذ تسع سنوات ونيف جاءت الإجراءات الاحترازية والوقائية التي اتخذتها الحكومة من خلال تجهيز المشافي ومراكز العزل، ومراحل التعقيم للمرافق العامة والمواصلات والجامعات والمدارس، وكذلك التدابير الوقائية في المنافذ والمعابر الحدودية بما في ذلك المطارات، ما يفوق التوقعات، ويقابل ذلك طرف مستهتر يتجاوز موضوع السلامة العامة معتبراً العطلة فرصة للسيران وزيارة الأسواق ووو.. نتمنى إغلاق سوق الحميدية مؤقتاً على سبيل المثال للتأكيد على مقولة يتداولها من يشددون على السلامة العامة «التزموا بيوتكم» وإذا صحتك ما (بتهمك) فهي تهم غيرك ومجتمعك، فلا تستهتروا إلى هذه الدرجة من عدم اللامبالاة.
باختصار: الجميع مطالبون بالاحتكام لقواعد السلامة العامة، وتجنب الأماكن المزدحمة قدر الإمكان، فهل نفعل ذلك ونستجيب لصوت العقل والعلم والمعرفة؟

أيمن فلحوط