الكثيرون رأوا في هذا القرار تكبيلاً للفلاحين الذين يشكلون شريحة كبيرة من المواطنين، ولاسيما أن أغلب مناطق الريف يعمل قاطنوها في الزراعة وهي مصدر رزقهم الوحيد في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الاهتمام بالزراعة كاهتمامنا تماماً بالقطاع الصناعي، كما عدّوها تحولاً تدريجياً إلى الاستيراد والبقاء تحت رحمة التجّار والمستوردين الذين اكتوى بنار أسعارهم جميع المواطنين بلا استثناء.
ربما يكون لقرار رفع أسعار الأسمدة مسوغاته، لكن في المقابل قد لا يكون التوقيت مناسباً لقرار كهذا، إذ إن الموسم الحالي في بداياته، وهي الفترة المناسبة للتسميد قبل انتهاء موسم الأمطار، وهذا سيرتب أعباء إضافية كبيرة على المزارعين لم تكن في الحسبان.
وهنا نقول: يحتاج القطاع الزراعي والعاملون فيه الدعم الكافي من صانعي القرار بما يؤمن استمرارية هذا القطاع لكونه المنتج للكثير من المواد الاستهلاكية والغذائية، والرافد الأساسي بالكثير من المواد الأولية التي يحتاجها عدد من صناعاتنا التي تعمل الجهات المعنية على دعمها والتي باتت أولوية في ظل الحصار الاقتصادي الجائر الذي نعيش منعكساته على مختلف المستويات. كما لابد من أن يحظى المنتج الزراعي بالاهتمام والرعاية والتسويق بطريقة تضمن إقبال الفلاحين على الزراعة وعدم ترك مصائرهم في أيدي بعض التجّار الذين يستجرّون إنتاجهم بأسعار لا تغطي تكاليف الإنتاج، ولكنها تصل عبر عدة حلقات وسيطة إلى المستهلك بأسعار تضيّق الخناق عليه، وتالياً يكون الخاسرون هم المنتج والمستهلك والاقتصاد الوطني، ويبقى الرابح الوحيد التجار.
فهل سننتظر كثيراً حتى نرى دعماً للقطاع الزراعي والعودة به إلى سابق عهده بعد أن خسرنا كثيراً من الزراعات الاستراتيجية خلال الحرب؟