«كـــــان ياماكــــــان» شــــكّل له نقلـــــةً نوعيـــــةً جهاد الزغبي: أغلـب الفنانين مُنمَّطـون لأن بعض الدرامـا التلفزيونيـة تجاريـة

صاحب الأدوار الصعبة التي لا يقبل أي ممثل أداءها، فجدية ملامحه فرضت عليه أدواراً معينة وبرغم جديته فإنه استطاع تجديدها عبر «النبش» بتفاصيل كل شخصية والدخول في مساحات جديدة، جهاد الزغبي الذي رسخ حضوره بذاكرتنا عبر مسلسل الأطفال الشهير «كان ياماكان» التقته «تشرين» في كواليس الإذاعة أثناء تسجيله تمثيليات مكتوبة باللهجة المحلية لأهل السويداء وكان لنا هذا الحوار:
• سأبدأ بماتقوم به حالياً وهوتوطين اللهجات المحكية وتوثيقها عبر الدراما الإذاعية؟!
•• هذه أول خطوة تقام عبر الإذاعة، وهي لم تكن فكرتي بل خرجت من الاحتفالية التي حدثت العام الماضي بمناسبة عيد الإذاعة وذكرى مرور سبعين عاماً على تأسيسها، وقام بطرح الفكرة باسل يوسف رئيس دائرة التمثيليات في الاذاعة وتبناها نقيب الفنانين زهير رمضان، علماً أن هذه التجربة كانت عبر إذاعة حلب، وأعتقد أن هناك تجربة في مدينة اللاذقية حاكت عبرها اللهجات المحكية ،ونحنا قمنا بخطوات صحيحة فتوجهنا إلى فرع نقابة الفنانين في السويداء والتقينا الفنانين فيها من شباب وممثلين، وعبر جلسة مطولة حرضناهم على فعل الكتابة وتبقى مسألة الخبرة والمعرفة لها دور،جمالية هذا النوع من الأعمال أنها تسمح بالاطلاع على اللهجات والثقافة الشعبية بين المحافظات السورية وتتيح استخدام المفردات المعروفة عبر كل منطقة ومايميز أهلها من خلال العلاقات الاجتماعية.
• قلت إن هذا النوع أصعب في الإذاعة أين مكمن صعوبته بعيداً عن المسرح والدراما؟
•• الحقيقة أن الإذاعة هي أصعب الفنون ليس فقط عبر مسألة اللهجة، بل لأن الإذاعة إذا لم ترتق لتكون صورة عبر الصوت مترافقة مع المؤثرات والموسيقا لإيصال هذه الصورة إلى المشاهد كما الدراما فهذه مشكلة، فالاعتماد الكلي على الصوت ويجب أن يقدم بطريقة أقرب إلى الأدب.
• شكلك الجدي يفرض عليك أدواراً محددة برغم أن من يعرفك عن قرب يعلم تماماً أنك بعيد عن هذه الجدية المعروف بها؟
•• أغلب الفنانين في التلفزيون مُنمطون لكون الدراما التلفزيونية تجارية فلا يمتلك المخرج مساحة كبيرة لتجريب أنماط جديدة مع الفنانين لذا يستسهل المخرجون ويذهبون باتجاه القوالب الجاهزة للممثلين، فمنطق التجريب عند البعض غير موجود إضافة إلى طبيعة الصوت التي تعطي الجدية والذاهبة بهذا الاتجاه، أتمنى أن يتاح لي أن أخرج عن المألوف عبر ما أقدمه وأندفع باتجاهه برغم ان آخر دور قمت به في الدراما والذي يتم تصويره حالياً في مدينة اللاذقية ويحمل عنوان «يوماً ما» للمخرج عمار تميم بعيد عن الشكل الجدي الذي عرفت به.
• كيف يمنع الممثل نفسه من الوقوع في مطب التكرار في ظل الأزمة التي نعيشها حالياً؟
•• ضمن الخط الدرامي الذي أقوم به هل لاحظت تكراراً بشكل الشخصيات التي أقدمها عبر أعمالي؟! صحيح أنها مغلفة بطابع الجدية لكنني أقوم بالاشتغال عبر تفاصيل الشخصية كي تخرج من الشكل الجدي الذي عرفت به، فمثلاً السيدة ضحى الدبس تقدم دور الأم ولكن كل شخصية أم قدمتها لاتشبه الأخرى.. مع الأسف إن المخرجين بعيدون عن منطق التجريب قد يكون السبب أن الدراما التلفزيونية خاضعة للمسألة التجارية ومسألة وقت وتصدير وبيع ..الخ تلعب جزءاً من دورها لكن الاتجاهات الأخرى غير موجودة لدينا.
• لكن عبر مسلسل «كان ياماكان» الذي قدمته قدمت مختلف الشخصيات بكل أنواعها؟
••العمل شكّل لي النقلة النوعية وعلى الصعد كلها، فقد أظهر قدرتي الفنية كممثل في أداء عدة شخصيات متباينة وكل شخصية لها أبعادها وتميزها عن الأخرى في العمل نفسه، جميع الأجيال شاهدته وكلما عرض يُضاف إلى الجمهور الذي شاهده أطفال جدد، ما يجعلني أبقى في الذاكرة لسنوات.
• مادام لديك هذا الحس الكوميدي فلماذا لم تطوعه عبر الكتابة؟
•• الحقيقة إني أطوعه عبر لحظات ولدي بعض التجارب الكتابية قبل الآن مثلاً مسلسل «الانهيار» والذي تناول عبر أحداثه واقع الحياة السورية من خلال بعض المواقف التي تتعرض لها إحدى الأسرة السورية البسيطة التي تعيش في الريف والمواقف الطريفة التي تتعرض لها إضافة إلى ثلاثية بعنوان «جذور وأغصان» التي قدمت عبرها مفارقات كوميدية بين أب وابنه المتزوج والمواقف الطريفة التي تحدث بينهما.
• لما لم تشكل ثنائية مع زوجتك الفنانة ضحى الدبس والتي بدأتها في مرحلة معينة ولكنها لم تستمر؟
•• كان الأمر موجوداً في السابق، الآن الظروف مختلفة بسبب الظروف والإنتاج ولكنها مازالت موجودة إضافة إلى أن العمل الفني له رؤيته الخاصة التي يحددها المخرج، فقد يراك في شخصية غير التي تريدها أو ترغب في تجسيدها وفي النهاية الممثل يخضع لشرط المخرج لكن الشراكة بيني وبينها تكون في تبادل الآراء والأفكار، ومنذ فترة قدمت شخصية أم راعية لفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة وطلبت مساعدتي لأن لدي العديد من التجارب معهم بغية تطويعها بما يخدم الشخصية ويثريها بشكل صحيح، وهناك قضايا نكون فيها صريحين جداً ولاسيما فيما يتعلق بالشخصيات النسائية.
• من المخرج الذي ترى أنه استطاع الدخول إلى أعماقك واكتشاف مساحات جديدة لديك؟
••الوحيد من المخرجين القريبين من جيلي إليّ هو المخرج نذير عواد لدرجة أننا اشتغلنا في أعماله وأعدنا صياغة بعض الشخصيات، كما حدث في مسلسل «ورود في تربة مالحة» وكانت شخصيتي في العمل خمسة مشاهد وقدمناها كخط كامل لها حضورها وتأثيرها عبر أحداث العمل ونغم البطلة التي قامت ببطولتها الفنانة سلاف فواخرجي كان يفترض أن تموت الشخصية في الحلقة (12)، ويستمر العمل من دونها لذا قمنا باستكمال نواقص الشخصية من دون «مطمطة»، وأعتقد لذلك أخذ العمل هذا الصدى أما من الجيل الجديد من الشباب فلم يتح لي العمل بشكل كبير ولا أستطيع الحكم.
• هناك حرص منك على الوجود في المسرح.. أين أنت منه الآن؟
•• ميزتي أنني أتعامل مع كل الألوان الدرامية حسبما يتحرك في داخلي بمافيها المسرح وهناك مشروعي الخاص الذي أقوم بالاشتغال عليه، قد يرى الضوء، وربما لا ولكن مايقدم الآن على المسرح يحتاج إلى طاقات الشباب، لذا بقوا ضمن حيزهم وكان ظرفي لايسمح بالوجود فيه، وعندما قدمنا مسرحية «وحشة» تم تقديمها برؤية جديدة ملحمية بريختية أفسح عبرها مساحة حوارية بين الممثل والشخصية وقدمت عبرها شخصية تشيخوف ولكن تركت لي حرية كتابتها وصياغتها واستحضرت عبر حواره مع الشخصيات توريات مختلفة لتقديم إسقاطات على الواقع الراهن لكنها جاءت باللغة الفصحى وكانت عنواناً للربط بين اللوحات الست وقدمت شيئاً جديداً هو أن هذه الشخصيات بعد انتهاء اللوحة تقوم بمحاكمة «تشيخوف» عن أسلوب كتابتها بهذه الطريقة.
• جديدك للمرحلة القادمة؟
•• أقوم حالياً بتصوير دوري في مسلسل «يوماً ما» وألعب فيه دور شيخ عشيرة الغجر والعمل بمجمله يتحدث عن شخص متمسك بمبادئه يتعرض لمحاولة ابتزاز من قبل العصابات المسلحة ويرفض الامتثال لرغباتهم فيهددونه بأطفاله وزوجته ويتعرض للإصابة وتهرب إحدى بناته لتعيش بين الغجر كواحدة منهم، لكنه يتابع عمله للوصول إلى الحقيقة لتتم ترقيته بعد سنوات، يركز بعدها على النشاطات الإصلاحية وملف التهريب والاتجار بالبشر، ويعمل مذيعاً في برنامج يعنى بهذه القضايا الإشكالية في المجتمع ويحاول إعادة لمّ شمل عائلته وكشف العصابة ليكتشف الحقيقة المرة وهي مؤامرة زوجته عليه، إضافة إلى أنني أقوم بالتحضير لفيلم سينمائي مع المخرج نجدة أنزور عن عيد الطلاب.

 

ميسون شباني

شاهد أيضاً

سول بيلو.. الكاتب الأمريكي الوحيد الذي حصل على الجائزة الوطنية الأمريكية للكتاب 3 مرات.

شام تايمز – متابعة سول بيلو أديب أمريكي كندى حظى بشعبية طاغية خلال مسيرته الأدبية، …