أكد المدير التنفيذي لمؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية سورية، الدكتور علي إسماعيل أن على الإنسان ترك بصمته في الحياة من خلال التفكير خارج الإطار التقليدي، لأن البصمة تحتاج إلى هوية، وإلى معرفة معمقة بالجذور المحلية، لأن الوصول إلى العالمية يكون من خلال التعمق بفهم الخصائص المحلية.
وخلال محاضرة ألقاها أمام طلاب كليتي هندسة العمارة والهندسة المدنية في جامعة الجزيرة الخاصة، استعرض د. علي فيلماً تعريفياً عن شبكة الآغا خان التي تضم أكثر من 17 مؤسسة مختلفة كاشفاً في الوقت نفسه عن تفاصيل جائزة الآغا خان للعمارة، ومشيراً إلى أنها أكثر من كونها جائزة فقط، معتبراً إياها جسراً يعبره المبدعون نحو العالمية، ومشدداً على أن الأمر ليس مستحيلاً، بل على العكس تماماً، فهناك أمل جديد دوماً.
وأوضح أن هذه الجائزة هي واحدة من أكبر وأهم الجوائز العالمية في مجال العمارة، وقد تعد بالنسبة للمعماريين بمنزلة «الأوسكار»، مشيراً إلى أنها ليست معمارية بحتة ولا تختص بالبناء بمفهومه العام فقط، بل تجمع عدة مناحٍ، أهمها الجوانب الاجتماعية وفائدتها بالنسبة للمجتمع المحيط.
وبيّن أن لجنة تحكيم هذه المسابقة لا تضم معماريين فقط، بل تضم أيضاً كتّاباً وشعراء وباحثين وفلاسفة ومؤرخين.
كما استعرض في فيديوهات قصيرة المشاريع الستة الفائزة خلال العام الماضي في الدورة الرابعة عشرة من جائزة الآغا خان للعمارة التي أقيمت في قازان بجمهورية تتارستان، وتمثل مشاريع مذهلة تركت أثراً إيجابياً وإعجاباً كبيراً لدى الحاضرين.
حيث تنوعت بين مشروع إعادة إحياء مدينة المحرق الأثرية في البحرين، ومشروع أركاديا التعليمي في جنوب كانارشور في بنغلاديش، ومشروع المتحف الفلسطيني في بير زيت، ومشروع بناء المرافق العامّة في قازان الروسية، ومشروع وحدة التدريس والبحث العلمي في جامعة ألون ديوب في السنغال، ومشروع مركز واسط للأراضي الرطبة في الشارقة.
وقال: إن الجائزة هذا العام منحت لستة مشاريع تم اختيارها من بين 380 مشروعاً، وغالباً نجد أن المشاريع الفائزة موجودة في بلدان تشبه واقعنا، وتخدم المحيط الاجتماعي بالدرجة الأولى.
سوق السقطية
وبناء على طلب إدارة الجامعة تطرق د. علي إسماعيل للحديث عن مشروع سوق السقطية في حلب الذي تم ترميمه وتأهيله وإصلاح الأضرار التي لحقت بمحلاته ليعود الشريان الحيوي لأسواق المدينة القديمة في حلب، علماً أنه يضم أكثر من 53 محلاً تجارياً مخصصاً لبيع الحلويات والمكسرات والأطعمة الشعبية.
وقال: إن العمل بهذا المشروع كان أشبه بالمستحيل، مع انقطاع الطرق ودمار البنية التحتية وفقدان العمال والمواد الأولية والكهرباء والماء، لكن الإيمان بالمشروع كان أكبر وتحول المستحيل إلى حقيقة.
وأضاف: عندما قيّمنا حجم الأضرار أدركنا حجم الصعوبة، فبدأنا بتدريب وتأهيل عمال يعملون بالأحجار بأبسط الإمكانات، ولكن بعد دراسات مطولة وعمل دؤوب نجحنا بالمشروع.
القروض الصغيرة
وجواباً عن سؤال الحاضرين تحدث د. علي إسماعيل عن مؤسسة التمويل الصغير، وهي جزء من وكالة الآغا خان للقروض الصغيرة، إحدى وكالات شبكة الآغا خان للتنمية، التي تمتلك فروعاً في كل المحافظات السورية.
وذكر أن هذه المؤسسة قدمت في العام المنصرم نحو 11 مليار ليرة سورية لـ32000 شخصاً من الفئة الأكثر احتياجاً، علماً أن معدل سداد القروض خلال الفترة الماضية وصل إلى نسب تفوق الـ90 بالمئة.
وألمح إلى أن أبواب هذه المؤسسة التي تأسست قبل 16 عاماً مفتوحة للجميع، وخصوصاً أصحاب المشاريع المتميزة الذين نالوا إيمان وثقة المؤسسة بمشاريعهم في هذا الوقت والزمن الصعبين، فبادلوها بثقة وإيمان أكبر.
وأخيراً
يعود تاريخ تأسيس جائزة الآغا خان للعمارة إلى عام 1977 في جنيف السويسرية، في محاولة لشحذ الهمم وإثارة الحماس لدى المؤسسات الاجتماعية حول العالم.
ومنذ تأسيسها وفي كل دورة للجائزة، التي تمتد على مدار ثلاثة أعوام، يتم تكريم المشاريع البنّاءة حول العالم التي تساعد على النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وتبلغ قيمة الجائزة الماديّ مليون دولار أميركي توزع على الفائزين.
وتشمل المشاريع المرشحة حول العالم تلك التي تتضمن المشاريع المعمارية المميزة بالمقام الأول وتتعداها لتشمل مخططات الإسكان ومشاريع حفظ المعالم التاريخية والبيئية وصولاً إلى التصاميم الإبداعية ومشاريع التطوير الاجتماعي، وما سوى ذلك من المشاريع التي تضفي وتترك انطباعاً مشجعاً للمؤسسات الاجتماعية الأخرى لإنجاز المشاريع البنّاءة حول العالم.