أكثر الاعمال الفنية القادرة على تسجيل حضورها وصناعة النجاح في ساحة الابداع ، هي القادرة على اقتناص حالات استثنائية من الواقع، تطرحها ، تعالجها ، تضع لها الاقتراحات الفنية، مستفيدة من الاستثناء، إنه فيلم (الأجسام أغرب مما تبدو في المرآة) من سيناريو وأخراج محمد العلي، ذاك الفيلم الذي تطرق الى حالات انسانية ونفسية وفلسفية، مستفيدا
من حالة الوقوف امام المرآة، منطلقا من عوالمها إلى أغوار النفس البشرية، إنه فيلم نفسي واجتماعي بامتياز، ، فكيف هو التعامل مع المرآة ؟ كيف يرى الانسان نفسه هل يراها كما هي على حقيقتها؟ وكيف هو على أرض الواقع ؟ بل كيف يتعامل مع المجتمع؟… تساؤلات كثيرة على غاية من الأهمية ترتبط بعلاقة الانسان بنفسه ومع الأخريين ، ولفت النظر الى مراجعة الذات ، لان التساؤل بحد ذاته، يبعد الانسان عن الركود والاستكانة ، تلك التي تمنع الانسان من الانطلاق والعطاء ، وبمجرد وجود التساؤل فإن ذلك يدعو الانسان الى البحث والمراجعة والتعمق والتميحص والنظر الى الاشياء بعمق، والبحث عن أبعاد أكبر وأوسع من تلك الواضحة على أرض الواقع ، ليصار الى تقويم السلبيات بشكل او بآخر .., هنا تكمن جمالية الفن الذي يكشف عن حقائق أخرى تعود بالفائدة عليه، هي مقصية ويأتي من يستحضرها الى الواجهة ، الفن هو الابداع القادر على خلق التساؤل، وقادر على توجية العمل الفني الى وجهته المتمزة، فهو هنا بشكل أو باخر يشجع على خلق افاق جديدة، يرى الانسان من خلالها أوجه أخرى للحياة، ويرى الأبعاد الاعمق على حقيقتها.
آنا عزيز خضر