وعزا البعض الإقبال على الحطب كخيار للتدفئة إلى قلة كميات المازوت التي جرى توزيعها والبالغة 100 ليتر للأسرة الواحدة حتى الآن، وهي كمية لا تكفي -حسب قولهم- سوى عشرين يوماً، وهذا ما دفع الكثيرين إلى قطع ما تبقى لديهم من أشجار، أو شراء الحطب من التجار بأسعار مرتفعة.
وتتفاوت أسعار الحطب الموجودة في السوق حسب نوعية الشجر المقطوع وملاءمته للتحطيب، وأيضاً مدى جفاف الحطب فكلما كان جافاً كانت أسعاره أعلى، وأشار البعض ممن التقتهم «تشرين» إلى أن السعر يبدأ من 60 ألف ليرة للطن الواحد ويتجاوز ٩٠ ألفاً في حال كان الحطب جافاً ومقطعاً جيداً وذا نوعية قابلة للاحتراق سريعاً، مشيرين إلى أن هذه الأسعار غير المسبوقة جعلت كثيرين عاجزين حتى عن شراء الحطب، فالأسرة المتوسطة تحتاج خلال موسم الشتاء أكثر من طنين من الحطب على أقل تقدير، ما يعني دفع فاتورة تتراوح بين 150 – 200 ألف ليرة، مع الأخذ بالحسبان المواد الأخرى غير الآمنة عند احتراقها والتي تستخدم أيضاً للتدفئة برغم مضارها الصحية وأبرزها المواد والعبوات البلاستيكية التي وجدت طريقها لمدافئ الحطب.
وتعد أشجار الزيتون الخاسر الأكبر من موجة التحطيب التي سادت وازدهرت خلال السنوات الماضية، إذ يعد حطب الزيتون من أجود وأغلى الأنواع الموجودة نظراً لملاءمته العالية للاحتراق واحتوائه على نسبة عالية من الزيت القابل للاشتعال، وحسب تقديرات مديرية الزراعة في درعا فقد خرج أكثر من 1,2مليون شجرة زيتون عن الإنتاج من أصل ستة ملايين شجرة كانت منتجة قبل الأزمة، وهذا ناتج عن الأحداث التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية وصعوبة وصول المزارعين إلى أراضيهم, ما أدى إلى جفاف عدد كبير من أشجار الزيتون واضطرار الكثيرين لاقتلاع أشجارهم وتحويلها حطباً للتدفئة.
كما شهدت الثروة الحراجية في المحافظة تعديات كبيرة بعد أن جعلها ضعاف النفوس هدفاً للتحطيب والقطع الجائر وتبلغ مساحة الأراضي المخصصة للتحريج الاصطناعي 10324 هكتاراً يضاف إليها 300 هكتار وهي غابة طبيعية في وادي معرية، وحسب ما أشار إليه رئيس دائرة الحراج في درعا المهندس جميل العبد الله فإن ٩٠% من المناطق الحراجية تعرضت للقطع خلال سنوات الأزمة, لافتاً إلى أن الجهود تتركز على إنقاذ ما تبقى من الثروة الحراجية في المحافظة والعودة بها إلى سابق عهدها وترميم ما تضرر من خلال اتخاذ جملة من التدابير الرامية للحد من ظاهرة القطع الجائر وخصوصاً في مثل هذا الوقت من العام الذي يكثر فيه التحطيب للتدفئة استعداداً لموسم الشتاء.

عمار الصبح