وفي بعض الأحيان يستبدل هذا المصطلح بآخر هو «القرار السياسي»، ولاسيما عندما تكون الملفات المنظور فيها ليست ذات طابع سياسي، وإنما تمس أموراً اقتصادية واجتماعية وثقافية.. وغير ذلك.
طرح هذين المصطلحين يفترض أنه يعبر عن رغبة مؤسساتية لجهات القرار السياسي في الدولة حيال موضوع استراتيجي يعنى ويهتم بمصالح الدولة العليا.. أي إن هذه الرغبة ليست توجهاً مفاجئاً، أو خطوة معزولة عن التطورات التي تشهدها الساحتان المحلية والدولية، أو وجهة نظر شخصية.
والرغبة المؤسساتية أيضاً، وتحديداً في تعاطيها مع الشأن الاقتصادي والاجتماعي، لا تأتي دوماً على هيئة قرار سياسي يتخذ من الأعلى ويوجه إلى المستويات الإدارية الأدنى لتنفيذه، ففي أحيان كثيرة تكون الإرادة أو القرار السياسي انعكاساً لما تريده المؤسسات المعنية أو استناداً لما تقدمه من معلومات وبيانات واقتراحات.
مثلاً.. شعار اقتصاد السوق الاجتماعي خرج بفعل إرادة سياسية في العام 2005، وهو كان توجهاً سليماً في تلك الفترة، لكن تعثره كان في التطبيق.. وهذه مسؤولية حكومات ما قبل الحرب ومؤسساتها التنفيذية..
إنما قرار تحريك أسعار المشتقات النفطية في العام 2008 لا يمكن اعتباره نتاجاً لإرادة سياسية رغم محاولة البعض آنذاك الإيحاء بذلك بغية محاصرة أي نقاش أو حوار حوله..!.
لذلك فإن إقحام البعض لـ«الإرادة السياسية» في العديد من الملفات والموضوعات والقرارات، كبرت أم صغرت، ليس سوى محاولة إما للتهرب من الفشل، التنصل من تحمل المسؤولية.. وأحياناً ربما يكون ذلك نتيجة عدم الوعي بما يعنيه المصطلح، وما يترتب على إقحامه بهذه المسألة أو تلك.
وحتى لو حضرت الإرادة السياسية في ملف ما، فإن التعبير عنها لا يكون بالتصريح الإعلامي والخطابي، وإنما بالعمل على إنجاز الهدف الذي وضعته الإرادة لتدخلها في هذا الملف أو ذاك..
فالإرادة السياسية قد تتبنى توجهاً ما، لكن ذلك لا يعني أنها تؤيد كل خطوة تتخذ وتنفذ ضمنه، أو أنها راضية عن أسلوب وطريقة تعاطي المؤسسات مع ذلك التوجه، أو أنها مسؤولة عن نتائجه.. إلا أنها في المقابل هي مطالبة بإجراء المحاسبة والمساءلة، لأن ثقة المواطن بالإرادة السياسية يجب ألا تتزحزح أو تهتز، وإلا فإن النتائج ستكون غير إيجابية.

بقلم ـ زياد غصن