اغرب ما في الواقع الاقتصادي السوري انه لا توجد رؤية واضحة للنهوض بهذا الواقع ، فكل مرحلة ترتبط بالأشخاص القائمين على القطاع الاقتصادي ، ورؤيتهم ترتبط بمصالح وأجندات ونرجسية ، وطبعا الأمر غير متعلق بكل القائمين وإنما بأصحاب القرار فقط .
بالأمس انطلقت أعمال أول مؤتمر صناعي يؤسس للنهوض بقطاع الصناعات الغذائية ، وهذا أمر في غاية الأهمية وتصحيح لقرارات وممارسات سابقة ذهبت بكل ما لدى القطاع العام من صناعات غذائية ، فالجميع يتذكر انغلاق معامل الكونسروة في الميادين وادلب ودرعا وجبلة وهي وسط حقول الخضار وبساتين الفواكه المتنوعة ، والكل يتذكر إغلاق شركات الألبان ومعمل الحرير بعد تراكم الخسارات عاما بعد آخر بسبب سياسات وإدارات فرطت بأهم الصناعات الغذائية والزراعية السورية .
الأزمة أعادت تصحيح توصيف القطاعات وكشفت اهمية القطاع الزراعي وتصنيع المنتجات الزراعية ولكن هل اعتبر أصحاب القرار من دروس الواقع ؟
سورية بلد زراعي وصناعتها لن تكون ابعد من تصنيع المنتجات الزراعية وهذا يكفي بشرط التصنيع بمواصفات وجودة عالية تُمكن المنتجات السورية من دخول الأسواق الخارجية ، فجودة القطن السوري لم تمكنا حتى اليوم من منافسة المنتجات المستوردة لسوء في التصنيع بكل مراحله ، وجودة ووفرة الزيتون لم تدخلنا إلى الأسواق العالمية لغياب ثقافة التصنيع وفق رغبة الآخر .
المشكلة في غياب المعايير والجودة والرقابة ، والمشكلة في تسلط التجار على قرارات وسياسات أصحاب القرار لأن المحاسبة غائبة ولم يُسأل أحد عن نتائج قراراته الخاطئة .
بعد تدمير الصناعات الغذائية والزراعية بقرارات رسمية نعود لنكتشف اليوم أهمية ما دمرناه و لكن على ما يبدو أن النتائج لن تأتي بجديد طالما لا احد يحاسب .
معد عيسى