ولطالما شكل اقتصاد الظل نسبة لا يستهان بها في الاقتصاد السوري وصلت حدود 40 بالمئة قبل الحرب الإرهابية، ولتتعاظم هذه النسبة كثيراً نتيجة الظروف الصعبة التي فرضها الإرهاب من غياب للرقابة ونقص في الموارد وشح في مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليفها أمام غياب البدائل وغياب الخطط الاقتصادية الواضحة والمحددة المعالم كخريطة طريق للاقتصاد ما شكّل بيئة مناسبة لنمو وترعرع اقتصاد الظل كأحد البدائل السيئة لتوفير السلع والاحتياجات المعيشية للمواطن، فاستشرت ورش التصنيع والتعبئة والتغليف والإنتاج بدءاً من تصنيع الألبان والأجبان وتعبئة الزيوت والمواد الغذائية وتعبئة مواد المنظفات والشامبويات الرديئة باستغلال بشع للماركات العالمية والمعروفة، ولتعمل بعيداً عن الضرائب وفواتير الكهرباء المرتفعة ومتحررة من كل شروط العمل والقوانين الناظمة بأقبية وأماكن عمل تفتقر أدنى شروط السلامة والصحة، وأفرزت منتجات تفتقر أدنى الشروط والمواصفات القياسية السورية والمعايير العالمية المتفق عليها وسط عمليات تصدير تسيء لسمعة المنتجات السورية، التي تمثلت في رفض الشحنات المصدرة أو اللجوء إلى التخلص منها بأسعار بخسة، تجنباً لعودتها ولتكاليف شحنها من جديد، فكانت البسطات والأكشاك التي شوهت معالم الطرقات وشوارع المدن الرئيسة السوق ومنفذ البيع الوحيد لهذه المنتجات لرخصها مستغلة حاجة المواطن أمام ضعف قدرته الشرائية من ضعف الرواتب.
بلا مجاملات، يمكننا القول إنه لم تكن لتنتشر هذه الورش الصناعية والمكاتب المختلفة لولا تعقيدات القوانين وارتفاع الضرائب وكُلف الإنتاج من كهرباء ومحروقات وغيرها من صعوبات الترخيص وإجراء المعاملات وتعدد الجهات المعنية ومن ثَمَّ ضعف الرقابة وانعدام بيئة العمل المناسبة وبما يستوجب إعادة النظر بالقوانين والتشريعات الناظمة وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص وإعادة النظر بأسعار الطاقة والضريبة والتحصيل وتسهيل انسياب حركة التجارة والوقوف بشكل جدي على تحسين بيئات العمل المختلفة وبما يشجع المنتجين من الخروج من الأقبية والحواري المظلمة التي يعملون بها نحو النور، وبما يخلق اقتصاد النور ويحد من اقتصاد الظل والعتمة، حفاظاً على سمعة المنتج السوري وتسهيل انسيابه نحو الأسواق.

معذى هناوي