أثناء الحرائق الهائلة التي شهدتها أكثر من محافظة سورية، أضيف إلى تلك العبارات كلمة أخرى: استشهد اثنان أثناء عمليات إخماد الحرائق.. هي أيضاً كلمة في الأخبار، لكن خلفها تقف سيرة حياة كاملة.
وكما أن كثيراً من الكلام لا يمكن أن يصف الواقع، كذلك يمكن أن يكون تصنيف مهنة رجال الإطفاء، على أنها «خطرة»، فالواقع أنهم لا يُعاملون كما يفترض أن تتطلبه خطورة المهنة، ومنهم من يقول متندراً، إنهم لا يحصلون على استثناء يراعي ظروف عملهم، إلا في العطل الرسمية، إذ ينص أي قرار حول ذلك باستثنائهم من العطلة نظراً لطبيعة مهماتهم.
حماية رجال الإطفاء إضافة إلى كونها قضية إنسانية هي أيضاً حماية للغابات التي نتذكر جميعاً أن جهوداً متأنية ومدروسة في الأوقات الطبيعية توفر أرواحاً وأياماً من الجهد في الأوقات العصيبة.
حماية من يقومون بمهمات خطرة، ومنهم رجال الإطفاء، تقتضي إجراءات عدة، وليست الوجبة الغذائية أو تعويض العمل، أو التدريب الكافي، أو المعدات اللازمة، والآمنة، إلا أساسيات فيها، لكنها أساساً تقتضي احترام المهنة وخاصة في الأوقات العصيبة، إذ يكون هؤلاء هم الأقدر على اتخاذ القرار المناسب، في تلك اللحظات، فرجل الإطفاء في مكانه أكثر خبرة من رئيس البلدية، ويجب ألا يكون لأحد الحق في التدخل بعمله، كما جرى في إحدى البلديات مؤخراً.
كما في كل حريق كبير يلتهم الأشجار ويبدو خارج السيطرة لوقت غير قصير، نكتشف كم أن العمل يغلب عليه طابع الارتجال، وكم أن رعاية بسيطة كانت ستنقذ أرواح البشر، وأرواح الشجر.
وسط النداءات التي كانت تنطلق منذ اللحظات الأولى لاشتعال الحرائق كان البعض يناشدون الأهالي، ويبحثون عن طرق كان يجب أن تكون موجودة سلفاً في الغابات، دعوات للتعبئة والمساعدة، وكلها جهود خيرة مطلوبة، لكنها في النهاية جهود ارتجالية تزيد الخسائر، وتجعل أجواء العمل مشحونة أكثر.

يسرى ديب