توقفت الأحلام لسنوات عند أمل واحد هو نهاية لهذه الحرب.. ووقف الموت اليومي.. الآن بعدما خفت أزيز الرصاص في الشوارع وبين الحارات، أصبح هناك متسع من الوقت لتحسس الحياة ضمن شروط شبه طبيعية، وليتبين أن الكثير من المؤسسات وطرق العمل فيها تسير بطريقة تدفعك لخلاصة مفادها: إن آثار الحرب أقل ضرراً مما يحصل من نتائج في إدارة تلك الوزارات والمؤسسات ومن دون ضجيج, المصالح والعلاقات الشخصية هي اليد العليا الضاربة في الأسباب الموجبة لصدور الكثير من القرارات، كما أنه ليس هناك من يحاسب على سوء القرار والاختيار، وعلى الأضرار التي تنتج عنه. في هذه الزاوية سنقترح معاقبة الأشخاص مهما علا شأنهم والذين يختارون إدارات غير كفوءة، كخطوة أولى في التعامل مع هذه الظاهرة.
ومن هنا سنقترح أيضاً بالتزامن مع خطط التطوير الإداري التي تضعها وزارة التنمية الإدارية، إيجاد آلية تعيد تدريب العاملين في الدولة على إبداء آرائهم فيما يرونه غير صحيح من حولهم، وإيجاد آلية لحمايتهم حتى لو كانت تحت أي عقوبة، لأن كل ما يجنونه حالياً بعد ارتكاب فعل انتحاري وإبداء رأي مخالف هو بحث المديرين عمن قال وكيف يجرؤ ومن سمح له، حتى ينتهي به الأمر معاقباً بطريقة كفيلة بقتل أي مبادرات أو محاولة للخروج عن سياسة القطيع، بالتزامن مع إغداق الميزات على الشخصيات المنبطحة. أغلبية الجهات تجد الكثير من القصص التي يشتكي منها الكادر العامل، ولكن جلَّ الهمِّ ألا يظهروا للضوء لكيلا يدفعوا الثمن وحدهم. فالشكاوى كثيرة, مثلاً: من طريقة تحريك مواصلات المؤسسات بعد سياسة التقتير الحكومية، حيث تقوم الكثير من هذه الجهات بإيقاف باصات نقل الموظفين لأن مخصصات المحروقات انتهت، بينما يمكن لسيارات تلك الجهة ذاتها أن تصرف ما يكفي لنقلهم أشهراً مقابل خدمات شخصية لهذا الموظف أو ذاك تبعاً لحجم الرضا عنه، ولمدى الخدمات التي يقدمها وتراها إدارته أنها ضاربة.
ويمكن أن تتكرر الأسماء التي تحصل على الهدايا والعطايا، لا لإنجازات تحققت، ولا لإبداعات تميزت، ولكن لأن هذا الشخص يروق لهم، ويمكن أن يُوفَد أشخاص ليتقاضوا أجورهم بالدولار ولعقود من الزمن على حساب أدوار آخرين يئسوا الانتظار! كل هذا الفجور يمارس في وضح النهار وبلا تحرج أو وجل!
يسرى ديب