كشفت التنقيبات الأثرية أن التدمريين القدماء عرفوا مستوى عاليا من التحنيط تطور بناء على معتقداتهم الدينية بوجود حياة ما بعد الموت ما يدل على المستوى العلمي المتطور للحضارة التدمرية التي قدمت للبشرية إرثا كبيرا من العلم والمعرفة.
هذه النقاط وغيرها استعرضها مدير متحف تدمر الدكتور خليل الحريري خلال محاضرة ألقاها في ثقافي أبو رمانة مبينا أسرار التحنيط كجانب من حضارة تدمر المشرقة و الطقوس والشعائر الدينية التي فرضت هذه العادة كون الموت يشغل حيزا واسعا من حياة التدمريين نظرا لاعتقادهم بان المأوى الأخير لهم هو القبر الذي هو دار الأبدية والراحة والخلود.
وبين مدير المتحف أن سكان تدمر فكروا بالتحنيط للحفاظ على أجساد موتاهم باعتبارها طريقة للحفاظ عليها ولا سيما أنها استخدمت في العالم القديم بوضع مواد وعقاقير خاصة تحفظها لآلاف السنين.
ولفت إلى المعابد الدينية التدمرية المكرسة لعبادة الكثير من الآلهة الدينية المرتبطة أكثرها حسب اعتقادهم بالقدرة على الانبعاث وتجدد الحياة وذلك بعودة الروح للميت واستقرارها بالجثة المحنطة مبينا أن جدلية التحنيط عند التدمريين تمثلت بحسب خليل في قلة العثور على المحنطات في المدافن التدمرية وعدم اهتمام العلماء والباحثين بدراستها.
ووصل التحنيط إلى تدمر بحسب الحريري متأخرا في السنة 100 قبل الميلاد بعد أن كان حكرا على مصر موضحا أن الاختلاف بينهما كان في طريقة نزع المخ والأحشاء وطريقة اللف إضافة إلى المواد المستخدمة في عملية التحنيط كما أن التحنيط في مصر كان لعامة الناس وفي تدمر كان لشريحة معينة خاصة باعتقادها الديني.
وختم محاضرته بأن تدمر مدينة عظيمة بما تحتويه من كنوز ثمينة لا ترحل ولا تنضب بدءا بقوس النصر والمسرح والمعابد مرورا بالأعمدة والتيجان المزخرفة وأسوارها الدفاعية وتنوع مدافنها ناهيك عن متحفها الذي يحوي بين أروقته نتاج أهلها وفنونهم ومنحوتاتهم وواحتها الجميلة ما يدل على عبقرية أهلها وما قدمته للبشرية من فن وإبداع مميزين.
شذى حمود