برغم الصعوبات المالية والفنية والتقنية التي عانت منها طوال سنوات الحرب الإرهابية التي تتصدى لها سورية، حرصت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على أداء دور وطني إنساني يساهم في التخفيف من معاناة المواطنين، ولاسيما مع الاهتمام الخاص الذي شهدته هذه المؤسسة خلال الفترة الأخيرة لتجاوز جميع الصعوبات التي تعانيها وتعزيز بعدها الاستثماري لتتمكن من توسيع قاعدة خدماتها بما يحقق هدفها كضامن للاستقرار الاجتماعي.
التزام
المؤسسة التي قامت بالوفاء بكامل التزاماتها خلال سنوات الحرب، وقدمت حوالي /600/ مليار ليرة لأكثر من نصف مليون صاحب معاش ومستحق في جميع المناطق الآمنة والساخنة، استمرت في تقديم خدماتها لكل العاملين في القطاع العام والخاص والتعاوني والمشترك، ولاسيما فيما يتعلق بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل.، وحسب مدير عام المؤسسة يحيى أحمد فإن عدد العاملين المشتركين في القطاع العام والخاص والتعاوني والمشترك بلغ /1.9/ مليون مؤمن عليه على رأس عمله، كما بلغ عدد أصحاب المعاش التقاعدي ومستحقيه نصف مليون صاحب معاش تقاعدي بقيمة شهرية تتجاوز عشرة مليارات ليرة.
موضحاً أن لجنة رسم السياسات والبرامج الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء وفي محاولة جادة لتحقيق نقلة نوعية في عمل المؤسسة للضلوع في التحديات التي فرضتها الحرب، وضعت خطة متكاملة لتطوير البنية الإدارية والاستثمارية لجميع فروع المؤسسة وتسديد الديون المترتبة على الجهات العامة والخاصة لمصلحة المؤسسة، وتوفير الأمان الوظيفي لعمال القطاع الخاص وضمان حصولهم على كامل حقوقهم وهو ما استلزم إصدار قرار من رئاسة مجلس الوزراء نهاية العام الماضي يلزم الصناعيين بتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية كشرط أساس للترشح والانتخاب في غرف الصناعة، إضافة إلى إصدار قرار يلزم أعضاء غرف التجارة بتقديم وثيقة صادرة عن المؤسسة العامّة للتّأمينات الاجتماعية تتضمّن عدد العمّال المسجّلين لديها ضمن الوثائق المطلوبة للتّسجيل في السّجل التّجاري أوّل مرّة أو للحصول على نسخ عنه أو عند طلب إجراء أيّ تعديلات عليه، الأمر الذي أدى، حسب مدير المؤسسة يحيى أحمد، إلى تسجيل حوالي 324.3 ألف عامل منذ الشهر التاسع من العام الماضي وحتى نهاية شهر تموز الحالي، ليصبح عدد العاملين المسجلين في المؤسسة حوالي 811.7 ألف عامل من القطاع الخاص، وأوضح أحمد أن المؤسسة حصلت /11/ ملياراً من ديون القطاع الخاص خلال النصف الأول من العام الجاري، كما قامت بدراسة واقع استثماراتها وتوظيف استثمارات إضافية من عقارات تتبع لمقارها في المحافظات، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية وفقاً لتوجيهات اللجان المختصة في رئاسة مجلس الوزراء لرفع دعاوى تخمين لجميع العقارات المؤجرة ومازالت منظورة أمام القضاء، إذ بلغت عائدات الاستثمار من تأجير العقارات لمصلحة القطاعين العام والخاص خلال النصف الأول من العام الجاري /2.401.984/ مليارليرة، لافتاً إلى أن المرحلة القادمة ستشهد جهوداً نوعية لتحديث وتطوير سياسة المؤسسة الاستثمارية والتركيز على الأهداف بعيدة المدى التي تساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير متطلبات سورية ما بعد الحرب.
متابعة
وبناء على التوجيهات الحكومية لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمتابعة معالجة وتحصيل ديون المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المترتبة على القطاع الخاص، فقد ترأست وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمة القادري اجتماعاً خاصاً مؤخراً لمجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الذي ركز على ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق الاستثمار الأمثل للأصول والأموال الخاصة بالمؤسسة بما يساهم في تحقيق أعلى العوائد لها ويعود بالمنفعة على الاقتصاد الوطني، وتم تكليف مجلس إدارة المؤسسة بوضع رؤية استثمارية لهذه الأموال تراعي عاملي الأمان والجدوى الاقتصادية، إضافة إلى التنسيق مع وزير المالية لوضع خطة لجدولة وتسديد الديون المستحقة لمصلحة المؤسسة على الوزارات والجهات العامة والاستمرار في الجهود والإجراءات المتخذة لبسط وتوسيع المظلة التأمينية ونشر الوعي التأميني بهدف زيادة أعداد العاملين المسجلين في التأمينات الاجتماعية، كما تم التأكيد على ضرورة التنسيق مع وزراء (الإدارة المحلية والبيئة- المالية – الصناعة) للتدقيق في أوضاع المنشآت التجارية والخدمية والصناعية والحرفية والتأكد من حصولها على السجلات والتراخيص المطلوبة بما يساهم في نقل هذه المنشآت إلى القطاع المنظم.
وانطلاقاً من الدور المحوري الذي تقوم به المؤسسة في حفظ الأمن والاستقرار الاجتماعي وتمشياً مع سياسة الدولة السورية للقيام بكل ما من شأنه الحفاظ على استمرارية المؤسسات العامة في جميع المناطق المحررة من الإرهاب، تمت خلال الفترة الأخيرة، وفق ما ذكره مدير المؤسسة، إعادة تأهيل الفروع التابعة للمؤسسة والتي دمرها الإرهاب، إذ تم تخصيص 135 مليون ليرة لإعادة تأهيل فرع حلب و80 مليون ليرة لإعادة تأهيل مبنى فرع طرطوس و65 مليون ليرة لإعادة تأهيل فرع حمص و3 ملايين لفرع القنيطرة، كما تم إنجاز مبنى فرع اللاذقية الجديد بتكلفة /1.2/ مليار ليرة ومبنى فرع عدرا بتكلفة تقديرية /452/ مليون ليرة واستئجار مبنى لفرع دير الزور ريثما تتم إعادة تأهيل الفرع الرئيس الذي تعرض للتخريب على أيادي الإرهابيين، مشيراً إلى أنه تمت معالجة حالات نقص الوثائق من جراء العمليات الإرهابية، وتجاوز عدد الملفات المعالجة 4 آلاف ملف، إضافة إلى تفعيل مبدأ النافذة الواحدة مع مديريات النقل الطرقي في وزارة النقل ما انعكس إيجاباً على تقليل تكلفة وإنجاز المعاملة.
وبهدف تلافي التلف الذي تعرضت له البيانات في فروع المؤسسة نتيجة الاعتداءات الإرهابية تم إطلاق مشروع الأرشفة الإلكترونية الذي يهدف إلى الاستغناء عن الوثائق الورقية واستعادتها بسرعة وحفظ الوثائق من التلف وسهولة نقلها إلكترونيا،ً وتمت أرشفة ما يزيد على مليون ملف خلال السنوات الثلاث الماضية من أصل /2.2/ مليون ملف، كما تم تطوير مخبر الصحة والسلامة المهنية خلال عام 2018 بمبلغ /20/ مليون ليرة بهدف تخفيف حالات الإصابة والأمراض المهنية وإصابات العمل، وتالياً الجهود الحكومية المبذولة لتطوير عمل المؤسسة ترافقت مع التركيز على رفع كفاءة العاملين في المؤسسة عن طريق التدريب والتأهيل المستمرين وتوفير المواد اللوجستية اللازمة لها، وبين أحمد أنه تم استبدال المنظومة الحاسوبية القديمة بمنظومة جديدة خلال العام الماضي بتكلفة /140/ مليون ليرة، كما تم تدريب /330/ عاملاً في مجالات القانون واللغات والحاسوب بنسبة /15/% من العدد الكلي للعاملين، وتعزيز الكادر الوظيفي ورفد المؤسسة بحوالي /500/ عامل جديد، عاداً أن اللقاءات الحكومية المستمرة مع القائمين على المؤسسة ساهمت في الإضاءة على واقع عمل الكوادر التابعة لها، والصعوبات التي تعترضهم لتطوير مهاراتهم بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة.
ونظراً لما تمثله التأمينات الاجتماعية من حاجة ضرورية للمواطنين وأسرهم تبدو الحاجة ملحة لتطوير برامج عمل المؤسسة خلال المرحلة القادمة، للضلوع بالتحديات التي فرضتها الحرب الإرهابية، التي تتصدى لها سورية على الجانب الاجتماعي، ولعل عودة الآلاف من المنشآت الصناعية للعمل تفرض تكثيف الخطوات المتخذة لضمان تسجيل عمال هذه المنشآت في برامج التأمينات الاجتماعية بما يحقق الاستقرار لهم ولأسرهم ويساهم في خلق بيئة عمل أكثر فعالية وإنتاجية.
مركزان الخليل