لكن على ما يبدو «فالج لا تعالج»، فمنذ أن سقط البشرُ من الفردوس الأعلى تاهوا في (غبرة) صحارى الواقع ووحول الجشع والأنانية، فبعد كل ما بذله ذاك الشهم من القلق والتوتر وقلّة النوم والققز كالكنغر والملاكمة مثل علي كلاي, والجري مثل الشنفرى وما اكتسبه من خبرة فخمةٍ في تعقيب أطنان المعاملات خدمةً لأناسه والتعامل مع طباع المماطلين من موظفي دوائر الخدمات… يأتي أحد الجيران أو المدّعين الذين تغوّلوا في زمن الحرب واستطالت مخالبهم ليسرق جهده بصفاقة مضاعفة؛ فمرة يتبجّح أمام أهل الحيّ أن معاملة التزفيت أو الصرف الصحي أو إنارة الشوارع أو تأمين أدوية المستوصفات ولقاحات الأطفال تمّت بفضله هو، وثانياً أنه هو من أقنع – بعبقريته النادرة- الجهات الإدارية بأهمية حارتهم أو قريتهم، متحوّلاً بكبسة زرّ إلى «سبع البرمبة» لإرضاء حماته الغضوب وزوجته المتفاخرة وليُجبرَ عمال الورشات على التزفيت أمام منزله فقط… ولتذهب جهود الآخرين وحقوقهم إلى جهنم.
كلما سمعتُ بقصص مشابهة ينقلها لي أولئك الناس «الملدوعون» في أيّ مكان يعرفون فيه أنني صحفي من جماعة «السيفُ والرمح والقرطاسُ والقلمُ»; أتذكر بيتيّ شعرٍ يصفان حالهم:
«ومن يصنعِ المعروفَ في غير أهله/يلاقي الذي لاقى مُجيرُ أمِّ عامرِ /فأسمنها حتى إذا ما تكاملتْ/ وفَرَته بأنيابٍ لها وأظافرِ».

جواد ديوب