كانت المؤسسات العامة تلعب دائماً الدور الأبرز في استقرار الليرة من خلال تأمين جميع الحاجات الأساسية وبأسعار مقبولة قياساً بما يتقاضاه أصحاب الدخل المحدود في حقبة كنا نقرأ عن نسبة تضخم تصل إلى 30 في المئة سنوياً على أقل تقدير نكاد لا نلمسها نظراً لاستقرار الليرة مقابل العملات الأجنبية، كان المصرف المركزي موجوداً على الدوام لتحقيق الاستقرار الذي يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويجعل حفنة من المضاربين خارج حسابات المؤسسة المالية الأقوى، تعززها لدى المواطن القدرة الشرائية لليرة التي كانت تزيده طمأنينة.
طفرة جذب الاستثمارات الخارجية التي شهدتها عقود ماضية كانت تعطي أفضلية تنافسية للقطاعات المنتجة وكانت تصب في مصلحة القطاع الخاص ما أوجد جملة من المصارف الخاصة كان لها دور واضح في استقطاب الوفورات بالنقد الأجنبي، للأسف لم تثمر القوانين المتعلقة بتبييض الأموال أو قوانين التهرب الضريبي في رفد الخزينة العامة إلا بالنزر القليل، وبقي اقتصاد الظل طي الكتمان لأسباب نجهلها حتى الآن!.
الأزمة خلال سنواتها الماضية بقيت شماعة خمول المعرفة الرقمية في كل المجالات، وعليه سبقتنا دول كثيرة باقتصاد المعرفة الرقمية مثل لبنان التي وظفت حوالي 400 مليون دولار, أدى ذلك التوظيف إلى نهوض مئات المؤسسات وآلاف فرص العمل، ليبقى الرقم عندنا أحد أهم الأسرار المصرفية التي لم يطلع على غيبها سوى كبار المستثمرين الذين استخدموا جزءا منها في تطوير صناعاتهم ليأتي التضخم غير المسبوق في تاريخ البلاد ويزيد من الأرقام الفلكية التي يمتلكونها ولاسيما أن معظمهم يحوِّلون أرصدتهم إلى قطع أجنبي وهو ما تحدث به كبار التجار والصناعيين جهاراً في اجتماعات رسمية.
لا يزال بعضنا يؤمن بالتجارب الناجحة ويعمل على إسقاطها كنموذج يحتذى به منذ سنوات بعيدة، والأسواق المالية تستنبط عادة قوانين تحصن القطاع المالي وتعمل على تحسين سمعته من خلال إطلاق منصة إلكترونية لتداول الأسهم والسندات المالية لمن يتعاطى باقتصاد المعرفة الرقمية وهذا بدوره يعمل على ربط المغتربين ببلدهم الأم.
إسماعيل عبد الحي