الاستثمار في الدراما وفي خدمة مشاريعها العالمية والعربية… واحدة من القضايا التي لابد من أن تلاحظها مشاريع إعادة الإعمار في سورية بعد انتهاء الحرب، وهو إعادة تأهيلها لوجستياً للاستفادة من مميزاتها الطبيعية والتاريخية على النحو الذي يجعل سورية قبلة للمبدعين في مجالات التصوير السينمائي والتلفزيوني، لا تقل أهميةً عن مراكز دولية معروفة بتقديم تلك الخدمات.
فنياً، تملك سورية القدرة على أن تكون مركزاً دولياً رئيساً لانطلاق الأعمال الإبداعية لما تشتمل عليه من جماليات جغرافية، من بحار وجبال ووديان وبواد وسهول ومساحات خضراء كثيفة تمنح المخرجين والمنتجين خيارات لتنفيذ أعمالهم الفنية، سينمائية كانت أم تلفزيونية، فضلاً عن غنى تاريخي يعود إلى عدة حضارات مضت، لم تزل تختزنه في أبنيتها، من قلاع وأسواق وبيوت سكنية ومرافق خدمية… من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام دراما تاريخية وتراثية تدور في أماكنها الحقيقية.
ومع تقديم التسهيلات والدعم اللامحدود لفرق التصوير الدرامي، وتوفير البنى اللوجستية لعملياتهم الفنية، لابد من أن ترتفع جاذبية هذه المميزات الجغرافية والتاريخية.
الحديث عن ضرورة وضع خطط الاستثمار في خدمة مشاريع الدراما العالمية، ضمن أولويات مشاريع إعادة الإعمار في سورية، تمليه الجدوى الاقتصادية بالضرورة، ويكفي أن ندلل على أهمية مثل هذه المشاريع بالإشارة إلى أن إحدى الدول جنت أرباحاً بعشرات ملايين الدولارات من تصوير الأفلام الأجنبية المصورة على أراضيها خلال السنة الجارية، وهو دخل اقتصادي سيدخل ميزانية الدولة، مباشرةً لو استثمرنا في هذه المشاريع الخدمية من دون الحاجة إلى دورة كبيرة لرأس المال، مع العلم أن واردات الميزانية من احتضان مشاريع التصوير لن تتوقف عند أرباحها المباشرة، إذ من شأن هذه المشاريع توفير فرص عمل لكثير من قطاعات العمل في سورية، إضافة إلى الترويج للمناطق السياحية، بل والبضاعة والمنتجات السورية أيضاً.
ماهر منصور