بدأت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إجراءات متتالية ومنظّمة من أجل مكافحة عمالة الأطفال..الظاهرة التي انتعشت على خلفيات الحرب، والتي يرجعها مراقبون إلى قيام جماعات منظمة بتشغيل هؤلاء الأطفال تحت مزاعم الفقر والحاجة، إذ يرصد المراقبون وقائع وحقائق تؤكد أن الفقراء الحقيقيين الذين أزّمتهم الحرب لم يدفعوا أبناءهم إلى التسوّل، بل التصقوا ببرامج الرعاية والتعليم التي أتاحتها الدولة بالتعاون مع منظمات إنسانية متخصصة.
وتؤكد مصادر الوزارة، أن هناك مراكز معنية بمعالجة حالات عمل الأطفال، وأن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 يمنع تشغيل الأطفال؛ إذ تنص المادة 113: يمنع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي وإتمام سن الثامنة عشرة من عمره، إلى أن عامل الرصد يقع على وزارة العمل ومديرياتها في المحافظة من خلال الجولات التفتيشية على المنشآت والمعامل، أو من خلال الشكاوي، كما يعاقب قانون العقوبات السوري في المادة رقم 756 بالحبس وبالغرامة كل من يخالف الأنظمة أو القرارات. وهناك فرص عمل للمعاقين للخريجين وغيرهم، حيث طلبت الوزارة أسماء المرشحين لفرص العمل لتشغيلهم.
وهناك رأي سجّلته مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في ريف دمشق، تعتبر أنه نتيجة الأحداث الراهنة تغيرت ظروف وبنية الأسرة السورية، أصبح هناك ما يسمى الطفل المعيل لأسرته، مشيرة إلى أن أهم أسباب ظاهرة عمالة الأطفال الفقر والتفكك الأسري، وكذلك غياب رب الأسرة أو المعيل الأساس لها لسبب أو لآخر؛ لذلك لا نستطيع أن نضع القيود الكبيرة على عمالة الأطفال، بل نعمل على تمكين الطفل بما يتناسب مع قدراته الجسدية والعقلية؛ فعمالة الأطفال مترافقة مع الضغط المعيشي للأسرة حيث تركت بعض الأسر أماكن استقرارها، وبعضها الآخر هاجر وتفكك، إذاً تلك العوامل مجتمعة أدت إلى عمالة الأطفال، موضحة أنّ المشكلة الأهم تكمن بنوعية العمل الذي يمارسه الطفل، من هنا تجب حماية الطفل من العمالة السيئة خاصة ممن هم تحت سن 15 سنة، أي ضمن سن التعليم الإلزامي، فعندما يدخل هؤلاء الأطفال إلى سوق العمل مبكراً، وحين يبلغ سن 25 من عمره سيؤدي ذلك حتماً إلى خلق جيل غير متعلم أو مدرب.
من جانبه خبير اقتصادي يوضح أن النظرية الاقتصادية بالنسبة لعمل الأطفال تقول: إن اتجاه مصدر الدخل ضمن الأسرة يحدد عدد الأطفال الذين تنجبهم الأسرة، وطبيعة الأنشطة التي يقومون بها، فهناك اتجاهان؛ الأول عمل الآباء تجاه الأسرة، والآخر عمل الأبناء والآباء تجاه الأسرة. مشيراً إلى أنّ دخول الأطفال إلى سوق العمل في البلدان النامية سهل جداً، حيث يصبح الطفل مصدر دخل الأسرة بسبب سهولة مزاولة عمله من قبل أصحاب العمل نتيجة تدني أجورهم.
وأشار إلى أنه في فترة الأزمات تقل فرص العمل لدى الجميع؛ فقد يتوفى بعض العاملين، والبعض الآخر يترك العمل نتيجة إصابة ما أو إغلاق المنشأة التي كان يعمل فيها، من جهة أخرى تزداد تكاليف المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار لذلك تعتمد الأسرة على الطفل بسبب الاعتياد والاستسهال كبيعه علب المحارم مثلاً، لكن ما نلاحظه أنه وبعد تحسن الوضع المعيشي للأسرة فإنها لا تتخلى عن عمل طفلها في كثير من الأحيان.
الوزارة شرعت حالياً – وفقاً لمصادرها بدراسة حالة الأسرة والتفكير بالبحث عن فرصة عمل للأم مثلاً؛ لكي تمنع طفلها من العمل وهنا العمالة تشمل الذكور والإناث، لافتة إلى أن الوزارة لديها قوى فاعلة لمعالجة حالات الفقر، أهمها الجمعيات الخيرية أو الأهلية التي هي ذراع الوزارة لتقديم شريك، وأيضاً لتقديم التدريب وفرصة العمل.
حالياً هناك مشروع مع غرفة صناعة دمشق أبدت الغرفة خلاله رغبتها باستقبال طلبات العمل بهدف إيجاد فرص عمل لمعيل الأسرة من الكبار عند الصناعيين، وقد ركزت الوزارة في برنامجها على النساء، وهنا الحديث عن فرص عمل بالقطاع الخاص وليس العام ولا سيما المشاريع الصغيرة والمعول عليها كثيراً في الفترات القادمة؛ فهي أفضل من تقدم الاستقرار الاقتصادي لأي بلد، إضافة إلى وجود جهات داعمة تضع استراتيجيات لدعم تلك المشاريع المتناهية الصغر، وهناك أيضاً الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية والذي سيكون مركزاً لدعم التدريب والمشاريع الصغيرة.
نهى العلي
الثورة