“فقدت كلشي بالحرب”.. حكايةُ ستينيّ على مشارف “بزورية” دمشق

شام تايمز – سارة المقداد

من تاجرٍ يبيع أقمشة الستائر في منطقة “الحريقة” بدمشق إلى بائع قطع “بسكويت” على مشارف “توابل الشام” أي سوق “البزورية” العتيق في دمشق القديمة، إنها ليست قصة من نسج الخيال، بل من صميم الحرب السورية.

يجلس الرجل الستيني مع كلّ صباح متكوّراً حول “بسكوتاته” لعرضها على “بسطته” التي لازال يعتاش من مردودها، وهو يلقي بنظراته على المارين هنا وهناك، محاولاً التكيّف مع الحياة رغم ملامحه المنطفئة، غير آبه بالزمان الذي وصل إليه.

وما على “أبو شادي” إلا الانتظار جالساً على كرسيه المتحرك بين خطوات المارين، متحسراً على حال آل إليه، بعد أن تم بتر قدميه نتيجة إصابته بتفجير حصل في منطقة الزاهرة الجديدة بدمشق عام 2019.

ولا منافسة في الفقدان ولكل منا أسبابه للحزن، التي ترمي الذكريات خلفها وسط النار لتغذي اللهب وتحولها إلى رماد، مثل ما حصل في حياة ذلك الرجل.

“الاستسلام مرفوض” بتلك الكلمتين بدأ “أبو شادي” حكايته لـ “شام تايمز”، بعد أن رمت الحرب بأوزارها عليه، وأفقدته قدميه، وحوّلته من تاجرٍ لبائع بسكويت محلي بأسعار لا تتجاوز مئات الليرات، بعد أن باع حصّته في الحريقة، ونقلَ عمله إلى منطقة “سقبا” بريف دمشق، لتأتي الحرب وتفقده محلّه وعمله وجزءاً من جسده.

ولم يتذمر بائع البسكويت من مهنته الجديدة، قائلاً: “بالحرب فقدت كلشي.. بس لازم قوم بالبيت وولادي وربنا مافي أكرم منو.. بكفي الشام اسى حنونة”، فهو أب لأربع فتيات، وولد واحد يبلغ 14 عاماً”.

ويتابع: “الظروف صعبة ومتطلبات الحياة كثيرة، المهم أن لا يبقى رهين جدران منزله”، محاولاً توفير قوت يومه من بضاعته البسيطة التي تتناثر على بسطته.

وعُرف عن سوق “البزورية” أنه مغناطيسٌ يشدّك بروائحه المختلطة من عطورات وأعشاب توابل وبهارات للدخول إليه، بعد أن كان مركزاً تجارياً لقرونٍ عديدةٍ وسميّ حينها بسوق القمح وسوق العطارين، أما بالنسبة لتسميته الحالية فهي مشتقةٌ من كلمة ‘بذور’، لكثرة البضائع الغنية المتوفّرة فيه من بهارات وأعشاب طبيّة ومنتجات محليّة تُباع في دكاكينه وخاناته الشهيرة.

ويربط سوق البزورية بين شارع مدحت باشا أو «الطريق المستقيم» بين أجزاء كثيرة من دمشق القديمة، فهو يصل بالزائر إلى الساحة التي تربط الجامع الأموي بمدخل سوق الحميدية مروراً بالأقواس الرومانية في نهاية الحميدية.

شاهد أيضاً

تخريج طلاب كورس “Tesol” الذي أقامه معهد غولدن مايلستون بالتعاون مع مؤسسة المدربين السوريين

شام تايمز – جود دقماق أقام معهد “غولدن مايلستون”، أمس السبت، حفل لخريجي طلاب طلاب …